الطريق
الثلاثاء 22 أبريل 2025 08:50 صـ 24 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
بالورش الحرفية والعروض الفنية.. ملتقى سيناء الأول لفنون البادية يواصل فعالياته بالعريش فيديو| مصر وفلسطين.. دعم دبلوماسي وإنساني| عرض تفصيلي مع عمرو خليل ضبط مصنع تلاعب في أوزان أنابيب الغاز بالغربية..صور الأولمبية الدولية تشيد بالتعاون المثمر مع وزارة الشباب والرياضة وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي سفير جمهورية التشيك بالقاهرة لبحث فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري المشترك مصر وقطر تُطلقان عامًا ثقافيًا مشتركًا في 2027 لتعزيز الحوار الثقافي العربي فيديو| عضو البتريوت: الرأي العام في أوكرانيا ضد وقف الحرب بالشروط الأمريكية في شم النسيم.. الورد بيتصنع بإيدين ستاتنا الحلوين صحة كفرالشيخ: مرور مكثف من فرق المراجعة الداخلية والحوكمة بالمديرية على العديد من المنشآت الصحية التابع للمديرية في إطار احتفالات محافظة الإسكندرية بعيد شم النسيم وتنفيذاً لاستراتيجيتها لتطوير الميادين والاهتمام بالنسق الحضاري والجمالي للمحافظة زيلينسكي: وفد أوكرانيا يصل لندن الأربعاء لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار بتوجيهات محافظ الوادي الجديد تسليم 410 مشروعًا متناهي الصغر لتمكين الأسر اقتصاديًا

محمد عبد المجيد هندي يكتب: تركيا وأطماعها في العالم العربي.. مشروع توسع أم نزعة للهيمنة؟

على مر العصور، لعبت تركيا دورًا محوريًا في تشكيل معادلات القوى الإقليمية، لكنها اليوم تبدو وكأنها تخطو خطوات استرجاع الماضي العثماني عبر سياسات التوسع التي تستهدف اختراق العالم العربي سياسيًا وعسكريًا. هذه الأطماع، التي كانت خفية في وقت من الأوقات، باتت واضحة من خلال تحركاتها في سوريا ومواقفها في قضايا إقليمية أخرى، مما يثير التساؤلات حول أهدافها الحقيقية ومآلات تدخلها في الشأن العربي.

إن ما تقوم به تركيا في شمال سوريا هو نموذج واضح على هذه النزعة، حيث اتخذت من مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود ذريعةً للتدخل العسكري واحتلال مناطق واسعة داخل الأراضي السورية. لكنها لم تكتفِ بذلك، بل مضت في طريق تغييرات ديموغرافية قسرية تستهدف تهجير السكان الأصليين واستبدالهم بجماعات موالية لأنقرة، في مشهد يعيد إلى الأذهان أسوأ فصول الاحتلال في التاريخ الحديث. هذه الممارسات، التي تتناقض مع كافة القوانين والمواثيق الدولية، لم تكن لتحصل لولا استغلال تركيا لحالة الضعف والانقسام التي تعيشها سوريا بفعل حرب طويلة أنهكت الدولة والشعب، وتركت البلاد بلا قدرة على صد هذا العدوان.

لقد تجاوزت السياسات التركية في سوريا حدود الأمن القومي لتصبح مشروعًا استيطانيًا يهدف إلى فرض أمر واقع جديد يخدم طموحات أنقرة. تركيا تسعى للسيطرة على الموارد الطبيعية في شمال سوريا، سواء النفط أو المياه، وتسعى لفرض هيمنة اقتصادية وسياسية تضمن بقاء نفوذها طويل الأمد في هذه المنطقة. والأدهى أن التهديدات التركية اليومية والمستمرة تُظهر رغبة واضحة في إبقاء هذا الاحتلال وتوسيع رقعته كلما أُتيحت لها الفرصة، ضاربة عرض الحائط بمصير ملايين المدنيين الذين يعيشون في خوف دائم من القصف والتهجير.

لكن الأمر لا يقتصر على سوريا فقط. ففي ليبيا، لعبت تركيا دورًا مشابهًا بدعمها لأطراف على حساب أخرى، مما عمق الأزمة السياسية وعرقل مساعي السلام، وكل ذلك من أجل تأمين نفوذ اقتصادي وعسكري في منطقة غنية بالموارد الاستراتيجية وقريبة من أوروبا. وفي العراق، تستغل تركيا قضية حزب العمال الكردستاني كذريعة للتوغل العسكري المتكرر في شمال البلاد، وهو ما يمثل انتهاكًا واضحًا لسيادة الدولة العراقية، بينما تغض الطرف عن الآثار الكارثية التي تتركها هذه التدخلات على استقرار المنطقة. أما في الخليج، فقد حاولت تركيا التغلغل في القضايا الإقليمية مستغلة الأزمات بين الدول، وظهر ذلك جليًا في موقفها من أزمة قطر مع جيرانها، حيث عمدت إلى تعزيز وجودها العسكري والاقتصادي هناك لتحقيق مصالحها الخاصة.

ما يحدث اليوم ليس سوى محاولة لإحياء المشروع العثماني القديم بوجه جديد، لكن هذا المشروع يتناقض مع واقع القرن الحادي والعشرين، حيث لم تعد الدول تُدار بالهيمنة أو الاحتلال. تركيا تسعى لتوسيع نفوذها من خلال استغلال الأزمات والصراعات الداخلية في العالم العربي، لكنها تتجاهل أن الشعوب العربية قد تغيرت، وأن وعيها بحقوقها وسيادتها لن يسمح بعودة عجلة التاريخ إلى الوراء.

إن العالم العربي يقف اليوم أمام مفترق طرق. فإما أن ننهض كأمة واحدة لمواجهة هذه الأطماع، أو نظل غارقين في خلافاتنا وصراعاتنا الداخلية التي تفتح الباب واسعًا أمام كل طامع. إن مواجهة التوسع التركي تتطلب موقفًا عربيًا موحدًا يرفض التدخلات الخارجية بكل أشكالها، ويعتمد على بناء تحالفات سياسية واقتصادية وعسكرية قوية قادرة على حماية سيادة الدول العربية والدفاع عن حقوق شعوبها.

كيف تحمي الشرق الأوسط من الصراعات وتفرض الهيمنة العربية بقيادة مصرية
لا يمكن حماية الشرق الأوسط من الصراعات الدائرة فيه إلا من خلال مشروع عربي جامع يعيد المنطقة إلى مكانتها الطبيعية كقوة إقليمية مؤثرة. وهذا المشروع يجب أن ينطلق بقيادة مصر، الدولة صاحبة التاريخ والموقع الاستراتيجي، والقدرة على توحيد الصفوف العربية. إن القيادة المصرية مطالبة اليوم بإحياء دورها المحوري من خلال العمل على تحقيق توافق عربي شامل يضع حدًا للتدخلات الأجنبية ويعزز استقلال القرار العربي.

يجب أن يبدأ هذا المشروع بتشكيل تحالف عربي قوي يستند إلى المصالح المشتركة وليس إلى الخلافات العابرة. على مصر أن تقود جهود بناء قوة عسكرية عربية مشتركة قادرة على الردع وحماية حدود الدول العربية من أي اعتداء خارجي. وفي الوقت نفسه، يجب أن تعمل على تطوير سياسات اقتصادية تكاملية تقلل من الاعتماد على القوى الأجنبية، وتعزز الاكتفاء الذاتي العربي في الغذاء والصناعة والطاقة.

كما أن مصر، بما تمتلكه من ثقل دبلوماسي، عليها أن تلعب دور الوسيط لحل النزاعات الداخلية في العالم العربي، وإعادة بناء الدولة الوطنية التي تراجعت بفعل الحروب والصراعات الداخلية. فالاستقرار السياسي في أي دولة عربية يعزز قوة المنطقة بأكملها، ويمنع استغلالها من قبل الأطراف الخارجية الطامعة.

إن فرض الهيمنة العربية لا يعني الهيمنة بمعناها السلبي، بل يعني استعادة العرب لمكانتهم الطبيعية كقوة إقليمية لها كلمتها واحترامها في النظام الدولي. وهذا لن يتحقق إلا إذا أدركت الشعوب العربية أن قوتها في وحدتها، وأن مصيرها مشترك لا ينفصل. مصر، بحكم موقعها وثقلها، قادرة على أن تكون القاطرة التي تقود هذا المشروع، شريطة أن تحظى بدعم حقيقي من أشقائها العرب، وأن تعمل بحكمة وقوة على تحقيق هذا الهدف النبيل.

تركيا، التي تربطها بنا علاقات تاريخية وثقافية، يمكن أن تكون شريكًا حقيقيًا في بناء مستقبل مشترك يقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المتوازنة. لكن عليها أن تدرك أن العالم العربي لن يقبل بأي شكل من أشكال الهيمنة، ولن يسمح باستمرار هذه السياسات التي تسعى لفرض الأمر الواقع بالقوة.

الأوطان لا تُباع ولا تُشترى، والسيادة ليست مجالًا للتفاوض. فليكن هذا عهدنا، أن ندافع عن أرضنا وحقوق شعوبنا بكل ما أوتينا من قوة، وأن نكتب مستقبلنا بأيدينا، لا بأيدي الطامعين. وختامًا أقول لكل من يظن أن الأمة العربية قد استكانت أو ضعفت، إننا شعب إذا ما استنهض قوته صنع المعجزات، وإذا ما توحدت كلمته بات عصيًا على كل معتدٍ أو طامع.

القيادي العمالي محمد عبدالمجيد هندي
مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس