الطريق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 03:51 مـ 17 ربيع أول 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أيمن رفعت المحجوب يكتب: دروس فى الإقتصاد للوزراء الجدد.. احذروا الإنفاق العام والتضخم..!

أيمن رفعت محجوب
أيمن رفعت محجوب

تؤدي زيادة النفقات العامة للدولة، عن طريق رفعها للطلب الكلي، إلي التأثير في المستوى العام للأثمان (أي إحداث تضخم) وهذا هو مضمون تحليل الفكر الاقتصادي المعني بتغيرات الطلب الكلي وما تؤدي اليه من اضطرابات في المستوى العام للأثمان في أي دولة.

وعلى ذلك يمكن أن نرد أثر النفقات العامة في مستوى الأسعار في مصر إلى أمرين؛
أولهما ؛
أثر تغيرات النفقات العامة في حجم الطالب الكلي.
وثانيهما ؛
أثر تغيرات حجم الطلب في مستوى الأثمان ،وهو ما ينصرف الى انقسام اثر تغيرات الطلب بين مستوى الانتاج والمستوى العام للأسعار ( أي بين التشغيل ودرجة مرونة الجهاز الانتاجي).
ومعنى ذلك أن أثر الزيادة في الطلب الناتجة عن زيادة الإنفاق العام تنقسم بين ارتفاع مستوى الناتج المحلي الاجمالي وارتفاع الأسعار أيضاً.

ففي البلاد الأخذة في النمو كمصر يلزم أن نفرق بين حالتي البطالة والتشغيل الكامل. ففي حالة "البطالة الواسعة" نجد أن الزيادة في الطالب تنصرف، بصفة أساسية الى زيادة الإنتاج، وبصفة محدودة الى ارتفاع الأسعار.

ثم تأخذ الأثمان في الارتفاع بصورة تصاعدية مع ارتفاع حجم الانتاج ، حتى إذا ما وصلنا الى مرحلة " التشغيل الكامل" ، ينصرف أي أثر لزيادة الطلب بعدها بصفة كلية إلى ارتفاع الأسعار ، ويترجم بالتالي إلى " التضخم المطلق".

ولكن ولعدم مرونة الجهاز الانتاجي في مصر مرونة كافية ، للتفاعل مع الزيادة في الطلب الكلي الناتج عن زيادة الانفاق العام للدولة وهو ما يحدث الان ، تنصرف تلك الزيادة في الطلب على الاستهلاك إلى زيادة في الأسعار بصفة أساسية.
وذلك ببساطة لعدم مرونة العرض الكلي المحلي للطلب على أموال الاستهلاك.

وعلى ما تقدم نؤكد أن زيادة الانفاق العام للدولة ، لو لم تكن محسوباً بدقة – ومحدد الغرض منه، سوف تفضي مع إدخال تحليلي السابق الذكر في الحساب ، إلى ارتفاع الأثمان في حالتين ؛
أولهما ؛
حينما يؤدي التغير في بنيان الضرائب والنفقات العامة ، في حالة عدم توازن الميزانية العامة ( مثل الحالة المصرية) ، يؤدي ارتفاع الطلب الكلي في حالة اقتطاع الضرائب جزءاً كبيراً من الادخار ، على أن تقوم الدولة هي بالإنفاق البديل ، ترتفع الأسعار لارتفاع تكلفة الاستثمار من خلال ارتفاع أسعار فائدة الاقراض.

وثانيهما؛
حالة إحداث عجز الميزانية ( وهي ما تعرف بحالة التضخم المالي) وعادة ما يؤدي هذا "التضخم المالي"، واتفاقاً مع التحليل السابق البيان ، إلى ارتفاع أخر في المستوى العام للأثمان . ويكون هذا الارتفاع في الأثمان تضخمياً في حالة التشغيل الغير كامل في بلاد مثل مصر.
ومن الضروري أن ننبه ، ونحن بصدد دراسة.
أثر زيادة النفقات العام في مستوى الطلب والأسعارأيضاً إلى أثرهما الواضح في إعادة توزيع الدخل القومي عن طريق تغيرات الأثمان (التضخم).
وذلك أنه إذا حدث، وإن كان ما لا يعدو أن يكون فرضاً نظرياً بحث (لا يحدث في الواقع في أي دولة في العالم )، وارتفعت جميع أسعار المنتجات وعوامل الانتاج بنفس النسبة ، فإن ذلك لا يؤدي إلى إعادة توزيع الدخل القومي في صالح أحد ولا على حساب أحد. إنما الواقع العملي هو أن ترتفع الأثمان بمعدلات مختلفة بين المنتجات وعوامل الانتاج، أو يرتفع بعضها دون الأخر ، وهذا ما يعرف بتغيير "الأثمان الكلية" وتغيير "الأثمان الفردية".....!!!!!!!!

وكما ذكرنا فإن الحالة الأولى لا تقلقنا ( لأن الكل يتساوى – وهذا لا يحدث عملا) ولكن الذي يقلقنا هي الحالة الثانية ( حيث ارتفاع الأسعار الفردية بنسبة مختلفة) وهو ما يؤدى إلى تغير العلاقات القائمة
بين الأثمان النسبية .
وهذا هو الذي يعيد توزيع الدخل القومي في صالح أصحاب الدخول المتغيرة (أصحاب الدخول الرأسمالية)
وفي غير صالح أصحاب الدخول الثابتة (مثل اصحاب الأجور والمرتبات والمعاشات) وهم الأكثرية في مصر.

الأمر الذي ينذر بخطر كبير، وعليه يجب على الحكومة الجديدة مراعاة الأثار التضخمية السلبية لسياسة الانفاق.
العام المتبعة ، حتى تحقق التنمية الاقتصادية المطلوبة ، بدلا من أن تنتهي إلى مجرد ارتفاع عام في الأسعار يضرب بشدة مستوى معيشة الطبقة العريضة من شعب مصر.