يا دنيا يا غرامي.. نوال مصطفى تسرد تجربتها في الصحافة

عن المؤسسة العربية الحديثة صدر كتاب "يا دنيا يا غرامي"، في 336 صفحة من القطع المتوسط، وفيه تحكي الكاتبة الصحفية نوال مصطفى عن ذكرياتها في عملها بالصحافة وحواراتها المهمة مع أساطير بعضها رحل وبعضها لا زال حيا، وعن شغفها العظيم بتلك المهنة.
تقول نوال مصطفى في تصديرها للكتاب" جذبتني كالنداهة لأغوص في بحورها اللانهائية. وكلما غصت أكثر وغمرتني المياه، طفوت قليلًا، لأعاود الغوص من جديد.. إنها مهنة الصحافة التي عشقتها، وعشتها كأنها الحياة بأكملها! جُمل لأستاذي العظيم (مصطفى أمين) حفرت نفقًا عميقًا في ذاكرة إحساسي، وبؤرة تفكيري".
يحتوي الكتاب على قيم عظمة صنعت ثقافتنا المصرية والعربية، كما انه لا يغفل الجانب الإنساني المهم والذي يسيطر على محتوى الكتاب مثل مناقشة نوال مصطفى لقضية السجينات والغارمات وحوارها الإنساني مع طبيب القلب العالمي الجراح مجدي يعقوب، ولا تهتم نوال مصطفى بسرد سيرتها الذاتية الصحفية بقدر ما ترمي الضوء على احداث ومواقف ومسيرات لشخوص كانوا مؤثرين وقادوا نهضة ثقافية وصحفية كبيرة.
100 جنيه من مصطفى أمين
تدربت نوال مصطفى في أخبار اليوم تحت رئاسة مصطفى أمين، وكانت في السنة الثالثة من الكلية وأجرت تحقيقا مهما وكافئها مصطفى أمين بـ 100 جنيه، وربما كانت هذه المكافأة سببا مباشرا في محاولة نوال مصطفى التفوق دائما فأجرت العديد من الحوارات مع الشخصيات الهامة وربما يكون حوارها مع بينظير بوتو رئيسة وزراء باكستان في أوج قوتها تتويجا لهذه الفترة الخصبة من عملها االصحفي، وتطرقت مصطفى لما تعرفه عن مصطفى أمين وحكاياته المختلفة مثل علاقته بام كلثوم والكثير من المواقف الحياتية والإنسانية.
في كتابها تتنقل نوال مصطفى من الصحافة للفن للدين وكل الشخصيات المؤثرة في كل مجال، وتحتفي بالمرأة كما فعللت في قصة مفيدة عبدا لرحمن أول فتاة تلتحق بكلية الحقوق وتبرز سعيها واجتهادها في تبني حلمها مع كونها ام لتسعة أطفال، وكيف كانت اول مصرية تترافع أمام المحاكم العسكرية.
وفي الجانب الشعري تحكي عن نزار قباني، الشخصية المؤؤثرة والشاعر الكبير الي عانى الامرين في موت بلقيس زوجته ودفنه لابنه وتتطرق لأشعاره وادبه وأزماته ومعاناته.
وكما سردت نوال مصطفى قصص لاجيال الستيينيات لم تغفل الأجيال الجديدة فتنقلت ما بين صبري موسي واحسان عبد القدوس وجابر عصفور، وعزت القمحاوي، وأحمد القرملاوي، ومحمد المخزنجي وتحكي عن سمو الشيخ محمد بن راشد وغيرهم.
وتنتقل لقصة تأسيس المؤسسة العربية الحديثة الملهمة وصاحبة الإنجاز الذي لا يضاهى في نشر الثقافة المصرية عبر وسيط كان جديدا وهو كتب الجيب، وكيف اجتذبت المؤسسة العديد من الكتاب ومنهم البارع نبيل فاروق صاحب إشارة البدء والطلقة الأولى ليكتب عن رجل المستحيل وملف المستقبل وكوكتيل 2000 وفارس الأندلس وغيرها من السلاسل التي دشنت جيلا جديدا من القراء سيصبحون كتابا فيما بعد، وتلاه أحمد خالد توفيق وكيف أكمل المسيرة بسلاسل فانتازيا وما وراء الطبيعة وغيرها، وبالإضافة لشريف شوقي وخالد الصفتي وغيرهم من الرعيل الأول الذين حملوا مهمة تثقيف القارئ وتمهيدا لصنع جيل جديد سيحمل الراية على كتفيه.
تقول نوال مصطفى في كتابها عن ذكريات نبيل فاروق مع حميد مصطفى:" بدأ الأمر عندما ارسل قصته الأولى أشعة الموت لمسابقة المؤسسة العربية الحديثة ومن مفارقات القدر انه تقدم بقصته في آخر دقيقة من يوم 31 يوليو وهو اليوم الأخير لإرسال الأعمال، وفوجئ بعد أسبوع بخطاب يطلب حضوره لمقابلة حمدي مصطفى وللتعاقد على قصته، ومن فرحته سافر فجرا ليقابل الأستاذ ويتفقان على كل شيء، ومن هنا بدأت روايات مصرية للجيب.
أطفال السجينات
من أجمل ما سردت نوال مصطفى هو قصة تأسيس جميعة أطفال السجينات التي تترأس مجلس إدارتها وتمنحها الكثير من وقتها، تقول عن القصة:" كنت أجري تحقيقا للأخبار عن أربع لبنانيات ينتظرن حكم الإعدام في قضية تهريب هيروين، فإذا بذلك المشهد يفاجئني وأنا أستعد لمغادرة السجن، سألت المأمور:" ماذا يفعل هؤلاء الأطفال هنا، وجاءت الإجابة صادمة:" إنهم يعيشون مع أمهاتهم السجينات".
ثم كانت الحملة التي دشنتها نوال مصطفى على صفحات أخبار اليوم بعنوان "أبرياء في سجن النساء"، وحصلت به على جوائز عديدة، ليكون نواة لتأسيس الجمعية وكانت قصة هند السجينة المحكوم عليها بالإعدام شنقا وابنتها سارة هي الشرارة الأولى وكانت بداية لمشوار طويل مع السجينات وقضاياهن تجاوز الآن ربع قرن".
كتاب "يا دنيا ياغرامي" فيه الكثير يمكن أن يقال ويكتب، ونوال مصطفى سردت فيه القصص مغلفة برؤى إنسانية فكان كتابا إنسانيا من الدرجة الأولى.