أصدقاء «الأسطى» يكتبون عن الصحفي الشاطر «رزق».. سيرة محبة ومواقف خالدة

«في محبة ياسر.. الصحفي الشاطر رزق».. ذاك عنوان مقال الكاتب الصحفي والشاعر محمد العسيري الذي كتبه في يوليو 2018، وسرد فيه سيرة ومسيرة صديقه الكاتب الصحفى ياسر رزق الذي، رحل عن عالمنا، صباح الأربعاء، متأثرًا بأزمة قلبية.
محبة بعد هجوم
يحكي «العسيري» في مقاله كواليس صداقته بـ ياسر رزق فيقول: منتصف عام 2005 تقريبًا.. كنت قد طفشت أنا وعدد غير محدود من الأعزاء من أبناء مجلة الإذاعة والتليفزيون إلى صحف ومجلات سموها صحف الإثارة.. وأحب البعض تسميتها بالمستقلة.. وكانت مجلة الإذاعة والتليفزيون إحدى أقدم مجلاتنا المتخصصة وأعرقها قد وصلت إلى سابع أرض فى معدلات توزيعها.. ورأى الوزير الأسبق أنس الفقى أن يستعين بياسر رزق من خارجها.. لم يكن الرجل غريبًا بالنسبة لى.. عرفته فى النقابة.. هاجمته بحدة.. واحتوى هجومى عليه وعلى اللجنة التى يديرها بمودة وهدوء شديدين».
ياسر رزق.. رجل لم ينم
عاش ياسر رزق مخلصًا لصاحبة الجلالة يصل الليل بالنهار في سبيل تقديم فنًا صحفيًا يشبع نهم الجمهور المتعطش للصحافة الرشيقة المفعمة بالحيوية وروح الشباب، يروي العسيري أن ياسر رزق يعيش لساعات فى المطبخ.. لا يخرج إلا لموعد.. اختلفنا لأيام.. كنا نتعارك داخل المكتب.. ولا يتركنى وزميلى العزيز أحمد السباعى- كنا عضوين بمجلس الإدارة- إلا وقد أنهينا أى اختلافات فى وجهات نظرنا قبل موعد الجلسة. لا ينام تقريبًا.. فهو فى المجلة ليلًا.. وحتى مطلع الفجر.. ثم يذهب إلى بيته وعشقه الأول والأخير- جريدة الأخبار- ثم يذهب لينام ساعة أو ساعتين ويعود إلى المجلة.. وهكذا.
حينما يكتب الأساتذة
وفي واقعة جمعتهما سويًا كشف «العسيري» كيف تمكن ياسر رزق من كتابة حوارًا كاملًا يحوي 5 آلاف كلمة من ذاكرته بعدما فقد التسجيل الصوتي، فيقول: أذكر فى أحد الأعداد، وكان قد حصل على حوار من صفوت الشريف.. كان رئيسًا لمجلس الشورى.. وعلى خلاف حاد مع وزير الإعلام أنس الفقى الذى تصدر المجلة من خلال وزارته.. اقترح ياسر الحوار على أنس الذى رحب بالأمر.. سأل المخضرم صفوت الشريف إذا ما كان قد وافق أنس مسبقًا؟!.. المهم فى ظل تلك الأجواء من حرب، لم تكن معلنة، بين جناحين فى الحكم، جرى الحوار وعاد ياسر بحوار مدته ثلاث ساعات مسجل على «شرايط كاسيت».
تابع العسيري: واليوم يوم تقفيل المجلة.. وكانت الصدمة.. التسجيل بايظ.. الصوت ضعيف جدًا.. وطول الليل وعدد من الزملاء يحاولون إصلاح الأمر تقنيًا دون فائدة.. وكان من المستحيل العودة إلى صفوت الشريف لإخباره بإعادة الحوار.. سيظن قطعًا أن الحوار تم منع نشره من قبل الوزير أنس الفقي.. وبعد أن يئسنا جميعًا.. وجميعنا كنا قد انتهينا فعليًا بعد ساعات عمل تعدت الـ٣٦ ساعة متواصلة.. قرر ياسر رزق أن يستعيد الحوار كاملًا.. فقرة.. فقرة.. خمسة آلاف كلمة استعادها الرجل لساعات.. وبقيت فقرة كان لا بد من مراجعة الشريف فيها، فاقترحت عليه أن يرسل له الحوار كاملًا.. فربما نسى أي فقرة.. أو أساء تذكر جملة.. وكانت المفاجأة.. أن الرجل أقر الحوار كاملًا دون حرف نقصان أو زيادة.
اقرأ أيضًا: والدة الشهيد نقيب محمود أبو العز تفتح خزان أسرارها لـ «الطريق»: معروف باحترامه وكان نفسه يتجوز.. «حوار»
ويضيف العسيري: صاحب هذه الذاكرة.. مش مجرد «حفيظ».. لكنه حافظ لجمايل جيل من الرواد الكبار.. تعلم منهم الصنعة صبيًا صغيرًا مثلما تعلم سر وأخلاقيات العمل النقابى من والده الراحل فتحى رزق.. هذه الذاكرة هى التى منحته ردود الفعل السليمة فى الأوقات السليمة.
ياسر رزق .. آخر جيل الصنايعية
أمّا الكاتب الصحفي السيد عبد العال فقد كشف عن جانب آخر في حياة صديقه الكاتب الصحفى ياسر رزق فيقول: «البقاء لله وحده.. رحت معاه كذا مرة للدكتور وكان يقول لي قول لصاحبك هيموت فجأه إن هو مبطلش الحريقه اللي عاملها دي، وكنت كل ما أشوفه أقول له أنت لسه ممتش وصحيت اليوم على خبر تركه لنا، يمكن زعلان يمكن السجاير يمكن ياسر رزق آخر جيل الصنايعية في بلاط الصحافة».
الأسطى الذي شرب الصنعة
وأضاف «عبد العال» خلال منشور له على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «هتقول عليه ده بتاع مبارك ده بتاع النظام قول اللي عايز تقوله، ياسر قاعد في البيت من فترة طويلة لكنه يبقى الأسطى الذي شرب الصنعة ولم يتعلمها مثلنا حيث كان والده يأت به معه دار أخبار اليوم وهو صغير ويتركه يشاهد كيف تصنع الصحيفة.. رحم الله ياسر رزق الصحفي الإنسان مرة كان قابض من مجلة الإذاعة والتليفزيون وهو نازل قابلته على الباب وقال تعال نروح الأخبار ونرجع وطوال الطريق إيده في جيبه ومن جيبه لمن يقابله».
خسارة كبيرة للصحافة المصرية
بينما كتب الكاتب الصحفي أحمد المسلماني ناعيًا «رزق»: «رحم الله الكاتب الكبير الأستاذ ياسر رزق كان صحفياً بارعاً وكاتباً متميزاً، اتسمت مقالاته بالثراء المعلوماتي وجرأة الطرح، وكان فوق ذلك إنساناً خلوقاً نبيلاً».
وأضاف «المسلماني» خلال منشور له على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «تعرفنا قبل سنوات، وتقاربنا في رحلة الحج في مكة المكرمة.. وكنت أسعد دوماً بالحديث إليه والنقاش معه. رحيل الأستاذ ياسر رزق خسارة كبيرة للصحافة المصرية.. رحم الله ياسر رزق وأسكنه فسيح جناته، وألهم أبنائه وزوجته وعائلته الصبر والسلوان».
كتاب لم يحتفل به كاتبه
وكتب الإعلامي مصطفى بكرى تغريدة على «تويتر» يقول فيها: «كان ياسر رزق إنسانا نبيلا، عانى كثيرا في دفاعه عن الوطن ومؤسسات الدولة، وفي الفترة الأخيرة وبعد صدور كتابه تواعدنا على إقامة احتفال بمناسبة إصدار كتابه الأخير، وكان الموعد الإثنين القادم، لكنه تركنا ورحل إلى رب العالمين».
أشهر المحررين العسكريين
يعتبر ياسر رزق من أبرز وأشهر المحررين العسكريين والصحفيين المصريين والعرب، ولد في الاسماعيلية عام 1965 وتخرج في كلية الإعلام جامعة القاهرة 1986، وعمل في بداية حياته المهنية بمؤسسة أخبار اليوم، وبعد سنوات ترأس مجلة الإذاعة والتلفزيون المصرية عام 2005، ثم عاد إلى مؤسسة أخبار اليوم مرة أخرى كرئيس لتحرير صحيفتها اليومية في 18 يناير عام 2011 وكان قد صدر للراحل كتاب بعنوان «سنوات الخماسين» وهو آخر إصدارته.