صلاح جاهين الضاحك الباكي.. طلق زوجته بسبب ”النكسة” وانقذه ناصر من الاعتقال
رسام وشاعر ومؤلف، كون حالة استثنائية في تاريخ الفن لم ولن تتكرر بأغانيه ورباعياته وأعماله، تميز ببساطته وتلقائيته في التعبير عن كل ما يشغل البسطاء، "ليه يا حبيبتي ما بيننا دايما سفر؟- ده البعد ذنب كبير لا يغتفر!- ليه يا حبيبتي ما بيننا دايما بحور؟- أعدي بحر ألاقي غيره اتحفر- عجبي !"، وهكذا عبر بإحساسه الصادق عن حبه الشديد لمصر.. ولا أحد ينسى أغنياته مع العندليب وسعاد حسني.. إنه شاعر البسطاء والضاحك الباكي الراحل صلاح جاهين الذي تحل اليوم ذكرى وفاته.
ميلاد صلاح جاهين ونشأته
في 25 ديسمبر عام 1930، وفي شارع "جميل باشا" بحي شبرا، ولد محمد صلاح الدين بهجت، الذي عرف فيما بعد بـ"صلاح جاهين"، في وكان والده المستشار "بهجت حلمي" يعمل في السلك القضائي، كانت ولادته متعثرة، إذ تعرضت والدته للخطر أثناء الولادة، وكان في طفولته يحب الابتكار وصناعة الألعاب اليدوية الدقيقة، وإهدائها إلى شقيقاته الفتيات وأصدقائه.
التحق صلاح جاهين بعد تخرجه من الثانوية العامة بكلية الفنون الجميلة، لكنه لم يستكمل تعليمه فيها وتحول لدارسة الحقوق، وهو ما وسع أفقه نحو العمل السياسي والقانون، ليفهم ما كان يجري في مصر والوطن العربي، خلال حقبة قومية حساسة للغاية، حتى أنه احتك برؤساء الثورة كناصر، والسادات، ولكنه رغم ذلك ظل "شاعر الشعب"، لسانًا يدافع عنه، ويشكو همومه ومتاعبه.
بدايته صلاح جاهين الفنية
كانت بداية عمل جاهين هي رسم الكاريكاتير في إحدى الجرائد ثم عمل في جريدة الأهرام، وكانت بداية شهرته في منتصف الخمسينيات كرسام كاريكاتير في مجلة "روز اليوسف"، ثم في مجلة "صباح الخير" التي شارك في تأسيسها عام 1957، وكان كاريكاتير جاهين يُتابع بقوة.
رباعيات صلاح جاهين
بالإضافة إلى كونه رسامًا اهتم بالتعبير عن مشاكل البسطاء من خلال رسوماته الكاريكاترية، إلا أن قمة أعماله كانت "الرباعيات" والتي تجاوزت مبيعات إحدى طباعاتها أكثر من 125 ألف نسخة في بضعة أيام، والتي لحنها الملحن الراحل سيد مكاوي وغناها الفنان علي الحجار، بالإضافة إلى كتابة الأناشيد الوطنية ولا ننسى أغانيه التي كتبها للسندريلا سعاد حسني في فيلم "خللي بالك من زوزو"، و"يا واد يا تقيل" وغيرها، وكانت آخر أغانيه الوطنية قبل النكسة مباشرة، وهي "راجعين بقوة السلاح"، التي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم.
كما ألف شاعر البسطاء أكثر من 160 قصيدة، منها قصيدة "على اسم مصر" و"تراب دخان"، وكان مؤلف أوبريت "الليلة الكبيرة" أشهر أوبريت للعرائس في مصر وأشهر أوبريت قدمه جاهين.
صلاح جاهين والتمثيل
لم تقتصر أعمال صلاح جاهين على التأليف والرسم لكنه دخل عالم السينما فأنتج مجموعة من الأفلام كانت علامة في تاريخ السينما الحديثة، مثل "عودة الابن الضال"، "أميرة حبي أنا"، "شفيقة ومتولي" "المتوحشة"، كما قام بالتمثيل في مجموعة من الأفلام مثل "شهيد الحب الإلهي" و"لا وقت للحب" و"المماليك" و"اللص والكلاب".
زيجاته
تزوج "جاهين" مرتين ،الأولى من سيدة تدعى سوسن محمد زكي وكانت رسامة كاريكتير بمؤسسة الهلال عام 1955 وأنجب منها ابن وابنة، وانفصل عنها بسبب تعرضه لاكتئاب حاد بعد النكسة وقال عن ذلك:"هذا الانفصال المؤلم كلفني حياة زوجية كاملة راح ضحيتها الأطفال، المرض هو الذي كان يقف في طريقي وليست زوجتي"، ثم تزوج من الفنانة منى جان قطان عام 1967 وأنجب منها ابنة واحدة وهي سامية جاهين عضو فرقة إسكندريلا الموسيقية، ومنح زوجته الثانية العصمة بعد أزمته مع زوجته الأولى.
أزماته السياسية
كانت رسومات صلاح جاهين الكاريكاتورية مؤثرة حتى أنها تسببت له في أزمات سياسية عديدة، حتى أنه كان على وشك دخول المعتقل، نظرًا لما يعرف عنه من ميول يسارية ونقد للنظام، لولا تدخل الرئيس جمال عبد الناصر شخصيًا لحذف اسمه خمس مرات من هذه القائمة.
وفاة عبد الناصر وإصابته بالاكتئاب
وتسببت وفاة الرئيس عبد الناصر له في حالة الحزن والاكتئاب لأنه كان ملهما له ، ولم يستعد بعدها جاهين تألقه وتوهجه الفني الشامل.
اقرأ أيضًا: في ذكرى رحيل سيد مكاوي.. كيف أصبح أيقونة ”المسحراتي” في شهر رمضان (فيديو)
رحيله
قبل وفاة جاهين أصيب بوعكة صحية ونُقل إلى المستشفى، وظلت سعاد حسني معه في المستشفى حتى ودع عالمنا في مثل هذا اليوم الموافق 21 إبريل عام 1986، ووقتها قالت: "الآن مات والدي ورفيق مشواري الفني وصديقي الغالي".
