لماذا تشاهد جماهير الأهلي مباريات الزمالك في المقاهي؟

أطباء علم النفس: المشاهدة الجماعية علاج لمرضى الثقة بالنفس
الجماهير: «الفرجة في القهاوي» تشعل حماستنا وتعوضنا عن الاستاد
أخصائي نفسي: تجمعات «القهاوي» لمشاهدة كرة القدم بسبب عدم وجود اهتمام ثقافي أو اجتماعي يضاهي الكروي
«التحفيل» من الناحية النفسية يبعث باﻹحباط والتأثير على الخصم ويشتت التركيز.. والدليل منتخب مصر بـ«الكان»
فى مصر، تحولت العادات والأشياء البسيطة المرتبطة بكرة القدم إلى ثوابت وأمور لابد منها فى غالبية الأحداث وعلى كافة المستويات، ونعرف جميعًا أن المصريين يحبون الأشياء التى تصنع الشغف والتحدى، وهكذا تحولت جلسات وتجمعات «القهاوى» لمشاهدة مباريات كرة القدم من المشجعين المصريين إلى ضرورة بديلة عن الملاعب والمدرجات التى حُرمت من سكانها منذ سنوات.
ولك أن تتخيل مباريات فريق ليفربول اﻹنجليزى فى المقاهى المصرية وكأنها عيد قومى، وكل ذلك من أجل مساندة ودعم النجم المصرى محمد صلاح، ناهيك عن لقاءات ناديى القمة وأصحاب الجماهير العريضة الزمالك والأهلى، وقبلهم منتخب الفراعنة، حيث يتفقون على الاستماع والمشاهدة الجماعية لمباريات فريقهم بالمقاهى، لذا كان لزامًا بحث أمر تجمعات الجماهير بالقهاوى وبدأنا بتجمعات الجمهور الأحمر صاحب الرقم الأكبر.
يقول أخصائى الطب النفسى وطبيب المخ والأعصاب د. جمال محمد فرويز، إن جماهير النادى الأهلى تشاهد مباريات نادى الزمالك من خلال تجمعات المقاهى ترقبًا لمعرفة النتيجة، وأوضح فرويز أن السبب الرئيسى فى التجمعات بالقهاوى المصرية من أجل مشاهدة مباريات كرة القدم هو عدم وجود اهتمامات أخرى ثقافية أو اجتماعية لدى المشجعين تضاهى الاهتمام الكروى، وأشار الأخصائي النفسى إلى أن التجمعات تعطى نوعًا من الإثارة والتشويق، مضيفًا أن التحفيل يبدأ بعد انتهاء اللقاء سواء بشكل مباشر أو من خلال «السوشيال ميديا»، وهو من الناحية النفسية يبعث باﻹحباط والتأثير على الفريق الخصم وكذلك جماهيره، ويبين مدى درجة التشجيع الخاصة لدى المشجع بناديه.
ومن جانبه، أكد محمد فكرى أخصائى الطب النفسى والذى عمل بالجهاز المعاون للمدرب البرتغالى مانويل جوزيه فى آخر فترة تدريبية له بالنادى الأهلى عام 2011، أن تجمعات جماهير القلعة الحمراء على المقاهى لمشاهدة مباريات نادى الزمالك أمر طبيعى، لأن الفارس الأبيض المنافس والخصم المباشر لفريقهم، وأشار فكرى إلى أن التحفيل الذى يحدث على مواقع التواصل الاجتماعى من قبل الجماهير لخصمهم يؤدى نفسيًا لتشتيت أذهان وتركيز اللاعبين، والدليل تصريح المدرب العام السابق لمنتخب مصر هانى رمزى بأن اللاعبين انشغلوا بالسوشيال ميديا كثيرًا خلال بطولة كأس الأمم الإفريقية الأخيرة بمصر مما أثر على مستوياتهم الفنية بالملعب.
وفى السياق، يضيف محمد أحمد عبدالله، مشجع شاب، أن مشاهدة المباريات بالقهاوى تكون برفقة الأصدقاء، وكل واحد يحمل انتماء لناد معين، وأوضح أن المشاهدة الجماعية تشعل الحماسة وتجعل المشاهدة أجمل، خاصة أنك فى حالة تحد مع الجمهور المنافس بجانب الهتافات والآهات «كأننا فى الاستاد بجد»، وأفاد بأنه فى بعض الأحيان يكون هناك مراهنات على الفائز باللقاء ويتحمل صاحب التوقع الخطأ حساب المشاريب.
وتابع محمد عزمى، أحد المشجعين الذين اعتادوا مشاهدة مباريات كرة القدم بالقهاوى، أن المشاهدة الجماعية بالمقاهى تزيد الحماسة لدى الجميع عكس الوحدة المنزلية، مشيرًا إلى أن الفرحة تتضاعف وأنت تحمل راية فريقك الفائز ويملؤك الفخر وتزداد علاقة الارتباط بفريقك عندما ترى جمهور الخصم ينتقد ناديه. وأضاف رمضان محمد أحد المشجعين أن المشاهدة المنزلية مملة، بينما مشاهدة المقاهى متفاعلة، فأنت تتفاعل مع المباراة والجماهير الصديقة والمنافسة لك بالقهاوى.
تعزز القدرة على التفكير
أظهرت الدراسات المتعلقة ببحث ممارسة ومشاهدة الألعاب الرياضية وخاصة كرة القدم، بحسب ليسليبيث ويش، عالم نفسى وأخصائى اجتماعى فى جامعة فلوريدا، أن جميع الألعاب الرياضية، تتطلب التخطيط والاستراتيجية وردود الأفعال، حيث قال: إن مشاهدة اللعبة تجعلك تعزز قدراتك على التفكير وتصور قدراتك، فأنت تواجه تحديًا، لذا حتى لو لم تكن نشيطًا، فإن عقلك نشط.
وأشار إلى أن مشاهدة كرة القدم هى دواء نموذجى لعلاج الاكتئاب، إذ تعمل على تحسين الحالة المزاجية للشخص، وتحفز الأنشطة العصبية فى الدماغ التى تؤدى بدورها إلى انخفاص مستوى الهرمون المسؤول عن الشعور بالتوتر.
وأوضح «ويش» أن الهتاف والاحتفال أثناء مشاهدة اللعبة يوفر بعض النشاط البدنى، خاصةً عند حضور مباراة مباشرة فى الاستاد، وتساعد متابعة المباريات على تحفيز الدماغ على القيام بالمجهود البدنى، والتخلص من الشعور بالتعب والكسل، وإنجاز الكثير من المهام المتأخرة عقب انتهاء المباراة، خاصةً بالفوز، وأكد أن مشاهدة مباريات كرة القدم مع الأقارب والأصدقاء تعمل على تعزيز العلاقات الاجتماعية، وتقوية الروابط وتضفى أجواء من الحب والمشاركة والدعم النفسى.
وأضاف العالم الغربى أن متابعة المباريات والتفاعل مع الحدث يجعلان المتابع يتوحد مع اللاعبين والحكم، ويخلقان فرصة لتبادل الآراء والتعبير عنها بحرية تامة، مما يعمل على تعزيز الثقة بالنفس.
علاج للمرض
فى النهاية، يصف بعض الأطباء النفسيين، مشاهدة مباريات كرة القدم كعلاج لمرضاهم الذين يعانون من أزمات الثقة بالنفس ولديهم صورة سلبية عن الذات، لأن متابعة المباريات الرياضية وسط تجمعات تشجع المرضى على إبداء آرائهم دون خوف أو قلق.