الطريق
الأربعاء 23 أبريل 2025 08:47 مـ 25 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
منصات الصين الرقمية تعيد تشكيل خريطة التجارة الإلكترونية عالمياً شاهد| برلمانية أردنية: أي جهة غير حكومية تمارس أي نشاط في المملكة الأردنية وجب إيقافها الكرملين: روسيا ليس لديها أي مطالب إقليمية ضد دول البلطيق ولا تنوي مهاجمة أحد وكيل الأزهر يستقبل رئيس الهيئة العليا للإفتاء بجيبوتي لبحث سبل التعاون في المجالات الدعوية والتعليميَّة أول مايو.. بدء التقديم لمسابقة “توفيق الحكيم للتأليف المسرحي” بـ”القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية” ︎وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيس دولة سنغافورة وتبحث جهود دفع التنمية الاقتصادية بين البلدين تَطوّر غير مسبوق في تقديم خدمات وزارة العمل للمواطنين من خلال سيارات المراكز التكنولوجية المتنقلة رئيس الوزراء يستقبل وفدًا من أعضاء مجلس التعاون المصري الكويتي لبحث فرص التعاون الممكنة بين الشركات المصرية والكويتية رئيس الوزراء يستعرض مؤشرات تنفيذ المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال رصف عدد من شوارع المحافظة ضمن الخطة الاستثمارية للعام المالى 2024-2025 وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي السفير الصيني بالقاهرة لبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين 130 بحثاً علمياً في مؤتمر «نوعية طنطا» العاشر

محمد عبدالمجيد هندى يكتب: القمة العربية القادمة.. قرارات مصيرية بين النهوض أو السقوط

قيادى عمالي مستقل محمد عبدالمجيد هندي مؤسس ورئيس المجلس القومى للعمال والفلاحين تحت التأسيس
قيادى عمالي مستقل محمد عبدالمجيد هندي مؤسس ورئيس المجلس القومى للعمال والفلاحين تحت التأسيس

العالم العربي والإسلامي يقف اليوم على صفيح ساخن، وسط أمواج متلاطمة من الأزمات والصراعات والتحديات التي لم تعد مجرد أحداث عابرة، بل أصبحت مشاهد ثابتة تتكرر يومًا بعد يوم، في كل بقعة عربية تجد نارًا تشتعل أو دمًا يُسفك أو كرامة تُهان، والعين تتجه إلى القمة العربية القادمة في أول مارس، التي تمثل اختبارًا وجوديًا لقدرة هذه الأمة على النهوض من جديد، أو الاستمرار في التيه الذي طال عقودًا، القمة القادمة ليست بروتوكولًا عابرًا ولا اجتماعًا روتينيًا، بل مفترق طرق بين أن تثبت الأمة أنها ما زالت تملك الإرادة والقدرة على الدفاع عن مصالحها وحقوقها، أو تعلن صراحة أنها استسلمت، ورفعت الراية البيضاء أمام المشاريع الخارجية التي تسعى إلى تمزيقها ونهب مقدراتها، هي قمة تحتاج إلى رجال دولة حقيقيين يدركون حجم المخاطر ويتحملون مسؤولياتهم التاريخية بشجاعة وقوة، بعيدًا عن الخوف والتردد والمجاملات الدبلوماسية التي قتلت ما تبقى من أمل لدى الشعوب العربية والإسلامية.

إن الشعوب العربية والإسلامية اليوم لم تعد تترقب بيانات شجب أو خطابات استنكار، لقد ملّ الناس من سماع عبارات "نُدين ونستنكر ونعبر عن قلقنا البالغ"، هذه العبارات التي أصبحت نكتةً حزينة تتداولها الشعوب المكلومة التي ترى أبناءها يُذبحون صباح مساء، في فلسطين تُنتهك المقدسات، يُقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتُقصف المدارس والمستشفيات والمنازل فوق رؤوس ساكنيها، وغزة أصبحت ميدانًا للتجارب العسكرية وأحدث الأسلحة الفتاكة، بينما العرب يجتمعون ويُديرون وجوههم كأن ما يحدث يجري على كوكب آخر، أين أنتم من الأقصى الذي يُدنّس كل يوم؟ أين أنتم من أطفال غزة الذين يُقتلون بلا رحمة؟ أين أنتم من دماء شعب يُذبح أمام شاشات العالم في مشهدٍ غير مسبوق من الوحشية والصمت الدولي المتواطئ؟ الشعوب العربية والإسلامية اليوم تنتظر موقفًا واضحًا وقويًا، موقفًا يوقف هذه المجازر، موقفًا يُعلن بشكلٍ قاطع أن فلسطين ليست قضية تفاوضية أو محل مساومات، بل قضية وجود وأرض وشعب وهوية، ويُعلن الدعم الكامل للمقاومة الفلسطينية ليس بالكلمات، بل بالسلاح والمال والمواقف السياسية الجريئة التي تُجبر العدو على التراجع والتوقف عن عدوانه

القمة القادمة يجب أن تكون قمة القرارات الحاسمة، قمة تُعيد للعرب هيبتهم، وتُبرهن أن هذه الأمة لم تمت بعد، الأمة تنتظر قرارًا سياسيًا قويًا بإغلاق كل أبواب التطبيع التي فُتحت تحت ضغط الخارج وبتواطؤ بعض الأنظمة، هذا التطبيع الذي لم يُجلب للأمة سوى العار والذل والانكسار، الشعوب تريد أن تسمع إعلانًا واضحًا بوقف كل أشكال التعامل مع الكيان الصهيوني، سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، تريد موقفًا يُجبر هذا العدو على دفع ثمن جرائمه، فلا سلام ولا استقرار ولا أمن مع محتلٍ يُمعن في القتل والتدمير، فلسطين ليست ورقة تفاوضية وليست ملفًا سياسيًا، بل هي قضية الأمة برمتها، قضية عقيدة وكرامة وهوية، وإذا لم تخرج القمة العربية القادمة بقرارات واضحة وصارمة لدعم فلسطين فعليًا، فإنها ستكون شهادة وفاة للنظام العربي الرسمي الذي فقد احترام الشعوب وثقتها منذ عقود

إن المشهد العربي اليوم لا يتوقف عند فلسطين وحدها، بل يمتد إلى لبنان الذي أصبح ساحةً مفتوحةً لصراعات إقليمية ودولية، وشعبه يواجه انهيارًا اقتصاديًا خانقًا، أين القمة العربية من دعم هذا البلد العربي الأصيل؟ أين هي من دعم اقتصاده وانتشاله من وحل الفقر والبطالة والتضخم؟ لبنان بحاجة إلى مشروع عربي واضح لدعمه اقتصاديًا وسياسيًا، وليس تركه غارقًا في مستنقع الصراعات والضغوط الخارجية، الأمة تنتظر من القمة القادمة أن تُعلن دعمها الواضح لجيش لبنان ومقاومته في وجه التهديدات الصهيونية المستمرة، تنتظر موقفًا عربيًا يُعيد لهذا البلد توازنه واستقراره.

وفي سوريا، المشهد لا يقل كارثية، بلدٌ دُمرت بنيته التحتية، وشُرد شعبه، وأصبحت أرضه مستباحة من كل القوى الإقليمية والدولية، القمة القادمة يجب أن تُعلن بوضوح دعم إعادة إعمار سوريا، ووقف التدخلات الخارجية في شؤونها، ودعم عودة اللاجئين إلى بلادهم، سوريا ليست ساحةً للتجارب الجيوسياسية، بل قلب الأمة النابض الذي يجب أن يعود إليه الاستقرار.

أما العراق، هذا البلد الذي كان يومًا منارةً للعلم والحضارة، أصبح ساحةً للصراع الدولي والإقليمي، وشعبه يعاني من البطالة والفقر والتدخلات الخارجية، القمة القادمة يجب أن تُعلن دعمها الكامل لوحدة العراق واستقلال قراره السياسي، العراق يجب أن يعود إلى حضنه العربي بعيدًا عن المحاور الإقليمية التي مزقته.

وفي اليمن، هذا البلد الذي طحنته الحرب وأرهقته المجاعة والدمار، آن الأوان لقرار عربي يُنهي هذه الحرب ويُعيد لهذا البلد استقراره، قمة بدون قرار لحل أزمة اليمن ستكون قمةً بلا معنى.

أما ليبيا، التي كانت من أغنى الدول العربية، أصبحت اليوم ساحةً للفوضى والتدخلات الخارجية، القمة العربية يجب أن تُعلن بوضوح دعمها لاستعادة ليبيا وحدتها واستقرارها.

اقتصاديًا، الأمة العربية اليوم تُعاني من انهيار اقتصادي شامل، اعتماد شبه كامل على الاستيراد، ضعف في الصناعة، تراجع في الزراعة، ارتفاع في البطالة، أزمات معيشية خانقة، بينما تظل الخطط الاقتصادية العربية مجرد حبرٍ على ورق، القمة القادمة يجب أن تُعلن خطة اقتصادية عربية متكاملة ترتكز على دعم الإنتاج المحلي، وإنشاء مصانع حقيقية توفر فرص العمل للشباب العربي، القمة يجب أن تُعلن بوضوح رفضها لإملاءات صندوق النقد الدولي التي جعلت من دولنا رهينةً للديون والقرارات الخارجية، آن الأوان لإطلاق مشاريع زراعية وصناعية ضخمة تُحقق الأمن الغذائي، لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ووقف نزيف الاستيراد الذي يُهدد الأمن القومي.


الأمن القومي العربي يتطلب اليوم موقفًا حاسمًا تجاه التهديدات التي تُحيط بالأمة من كل جانب، إثيوبيا تُهدد مياه النيل وتلعب بالنار في الصومال، والكيان الصهيوني يتوسع في أفريقيا والبحر الأحمر، وتركيا تُحاول بسط نفوذها في شمال سوريا والعراق، وإيران تُعزز وجودها في دول عدة، القمة القادمة يجب أن تُعلن بوضوح موقفًا موحدًا أمام كل هذه التهديدات، وتُؤكد أن الأمن القومي العربي خطٌ أحمر لا يُسمح بتجاوزه، وأن السيادة العربية ليست ورقةً للمساومة.

إن الشعوب العربية والإسلامية تنتظر من القمة القادمة قرارات بحجم الأزمات التي تعيشها، تنتظر مواقف واضحة تُعيد بناء الثقة بين الحاكم والمحكوم، تنتظر قمة تُعلن بصوتٍ عالٍ أن الأمة العربية والإسلامية ليست حقل تجارب لمشاريع القوى العظمى، وليست سوقًا مفتوحة لنهب الثروات، الأمة تنتظر قمة يُشارك فيها القادة بروح المسؤولية الوطنية والتاريخية، لا بروح المجاملات والمساومات، قمة تُثبت أن العرب ليسوا جثةً هامدة تنتظر الدفن، بل أمةً قادرةً على النهوض متى وُجدت الإرادة السياسية الصادقة.

القمة القادمة هي الفرصة الأخيرة، إن ضاعت هذه الفرصة فإن التاريخ لن يرحم، والشعوب لن تغفر، والأجيال القادمة ستكتب في كتبها أن أمةً عظيمة تخلت عن قضيتها المركزية، وتركت شعوبها تُصارع وحدها وسط طوفان الأزمات، فإما قرارات شجاعة بحجم الأزمات، أو أن تتحول القمة إلى مجرد اجتماع يُضاف إلى سجل الاجتماعات التي لم تُسفر إلا عن مزيد من الانكسار والخذلان.

موضوعات متعلقة