الطريق
الجمعة 25 أبريل 2025 05:20 صـ 27 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
مدحت بركات: ذكرى تحرير سيناء تمثل علامة فارقة في تاريخ الوطن ومصدر الفخر والعزة للمصريين قصور الثقافة تطلق فعاليات المهرجان الختامي لنوادي المسرح في دورته الـ32 بالقناطر الخيرية في اتصال هاتفي.. وزير الثقافة يهنئ الأديب محمد سمير ندا لفوزه بالجائزة العالمية للرواية العربية ”البوكر” هل يتورط الفنان محمد عبد الرحمن في حوادث قتل فى مسلسل ”برستيج”؟ السفير حسام زكي: مقاومة الاحتلال حق للشعب الفلسطيني ونتنياهو يرغب في استمرار الحرب وزير التموين: طرح كميات كبيرة من السكر الحر بالمجمعات الاستهلاكية بسعر 30 جنيهًا للكيلو في ذكرى تحرير أرض الفيروز.. أسامة كمال: ”سينا مش أرض حدود.. دي أرض وجود” القبائل العربية تنظم لقاء مع «محمود خميس» في حفل ضخم بجمعية عرابي دفاعاً عن أمه.. طالب ثانوى ينهى حياة شقيقه فى الشرقية يشمل تعهدًا بعدم انضمام كييف للناتو.. مقترح ترامب لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية ”الصليب الأحمر”: غزة تواجه كارثة إنسانية بعد توقف المستشفيات عن العمل شاهد| عضو ”اقتصادية الشيوخ”: مصر تسير بخطى واثقة نحو استقرار اقتصادي مستدام وتعزيز ثقة المؤسسات الدولية

شحاته زكريا يكتب: العروبة بين الامتحان والمصير

شحاته زكريا
شحاته زكريا

على مدار التاريخ لم تكن القضايا الكبرى تُحسم بالصمت أو الترقب بل بالكلمة والموقف بالرفض حين يكون الرفض ضرورة، وبالتحرك حين يصبح الجمود خيانة. اليوم تجد الأمة العربية نفسها أمام اختبار وجودي جديد ، امتحان لا يتعلق فقط بغزة أو فلسطين ، بل بمصيرها كله ، بوجودها كقوة تستطيع أن تقول "لا" عندما يتطلب الأمر ذلك وأن تجعل هذه "اللا" فعلا لا مجرد شعار.

ما يحدث الآن ليس مجرد فصل آخر في الصراع العربي الإسرائيلي ، بل محاولة لإعادة صياغة الجغرافيا والديموغرافيا وفق مصالح لا تعترف بحدود أو شعوب. التهجير القسري الذي يدور الحديث حوله علنا اليوم لم يعد مجرد مخطط سري ، بل مشروع يجري تسويقه كحل نهائي وكأن الفلسطينيين مجرد فائض بشري يبحث له العالم عن مكان، وكأن الأرض ليست لهم منذ الأزل.

مصر كما اعتدنا منها كانت أول من كشف هذه النوايا الخبيثة ووقفت ضدها بحسم. لم يكن الأمر يحتاج إلى حسابات معقدة فالمسألة تتعلق بالأمن القومي ، ليس لمصر وحدها بل لكل دولة عربية تدرك أن استبدال سكان قطاع غزة بترتيبات جديدة هو قنبلة موقوتة ستنفجر في وجه الجميع. ومن هنا لم يكن غريبا أن تتوالى المواقف العربية الرافضة لهذه المؤامرة ، لكن الرفض وحده لا يكفي إن لم يتحول إلى موقف موحد وإلى فعل يفرض على العالم التراجع قبل فوات الأوان.

التاريخ يعلمنا أن المشاريع الاستعمارية لا تموت من تلقاء نفسها، بل تُجهض حين تجد من يتصدى لها. وما يدعو للأسف أن المخططات التي كنا نراها نظريات على الورق منذ سنوات ، باتت اليوم طروحات رسمية تتبناها قوى كبرى بلا مواربة. وإذا كان البعض قد تفاجأ بتصريحات ترامب الأخيرة حول غزة، فإن المفاجأة الحقيقية هي أن هناك من لا يزال يراهن على حياد أمريكي أو وساطة نزيهة. فهل نحتاج إلى مزيد من الأدلة لنفهم أن المشروع الصهيوني لم يكن يوما مشروعا إسرائيليا خالصا بل دائما كان مدعوما بقوى ترى في المنطقة العربية مخزونا جيوسياسيا قابلا لإعادة التشكيل وفق المصالح الغربية؟

ما المطلوب الآن؟ أولا موقف عربي رسمي جماعي حاسم، لا يكتفي بالتصريحات الدبلوماسية بل يترجم إلى قرارات واضحة فالعرب يمتلكون من الأدوات السياسية والاقتصادية ما يكفي لجعل أي دولة تفكر ألف مرة قبل أن تقدم على شرعنة التهجير القسري لشعب بأكمله. وثانيا تحرك دبلوماسي دولي يفضح هذه المشاريع ، ويضع العالم أمام مسؤوليته القانونية والأخلاقية. فكما تُحاسب دول على جرائمها ينبغي أن يُحاسب الاحتلال ومن يدعمه على محاولته اقتلاع شعب بأكمله.

أما ثالثا وهو الأهم فهو إدراك أن هذه المعركة ليست معركة الفلسطينيين وحدهم. فلا توجد دولة عربية بمأمن إذا سمح العالم بتمرير هذا المخطط لأن ما يحدث اليوم في غزة قد يحدث غدا في أي بقعة عربية أخرى ، وفق سيناريوهات تتغير مسمياتها لكن جوهرها يبقى واحدا: إعادة رسم خرائط المنطقة وفق أهواء قوى لا تؤمن بحقوق الشعوب بل بمصالحها فقط.

القضية ليست سياسية فقط بل هي امتحان لكرامة أمة بأكملها. وإذا لم يكن هناك موقف حقيقي اليوم فإن الأجيال القادمة لن تغفر لنا أننا كنا شهودا على جريمة بهذا الحجم وفضلنا الصمت. هذه المرة يجب أن تكون "لا" عربية واحدة، قاطعة، بلا مواربة من المحيط إلى الخليج لا تقبل التأويل، ولا يُسمح بتجاوزها. فإما أن نكون، أو لا نكون.