الطريق
الخميس 19 سبتمبر 2024 07:02 مـ 16 ربيع أول 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

علا سمير الشربيني: كتبت رواية ”هاليو” للتعريف بالثقافة الكورية.. وتعاملي مع روايات مصرية للجيب حلم وتحقق

علا الشربيني، كاتبة من الجيل الجديد لروايات مصرية للجيب، لها العديد من الإصدارات والترجمات، بالإضافة لكونها فنانة تشكيلية أقامت عددا من المعارض، وحول بداياتها مع الكتابة وتوجهها للمؤسسة العربية الحديثة كان هذا الحوار..

كيف كانت البداية مع روايات مصرية للجيب؟

بدايتي مع روايات مصرية للجيب ترجع إلى بداية مشروع القرن الثقافي نفسه عام 1984. كنت وقتها طفلة لم أدخل المدرسة بعد، لكني رأيت انبهار أخي الأكبر بهذه الروايات الصغيرة ذات الغلاف الملون بمجرد ظهورها، وسرعان ما أصبحت شغفه وشغله الشاغل، حتى أنني أذكر أنه ذات مرة تشاجر مع أبي وترك المنزل، فلم يأخذ معه سوى حقيبة امتلأت عن آخرها بإصدارات روايات مصرية للجيب، وخاصة رجل المستحيل وملف المستقبل والمكتب رقم 19. كل هذا جذبني بشدة لعالم هذه الروايات، وعندما أصبحت في الصف الرابع الابتدائي وكنت (الكتكتوت الفصيح) كما يقولون، وافق أخي بعد إلحاح شديد مني أن أبدأ قراءة سلاسل الروايات، فكانت البداية مع الاختفاء الغامض، العدد الأول من رجل المستحيل للعظيم الدكتور نبيل فاروق، وحدث الإدمان بامتياز، حتى أنني لم أخرج من هذا العالم حتى الآن.


أما بدايتي ككاتبة مع الدار، فحدثت في عام 2020. أمضيت السنوات الطويلة السابقة منذ تخرجي من الجامعة في مجال الترجمة والصحافة الإلكترونية وإعداد البرامج الإذاعية، ولم أبدأ النشر الورقي سوى عام 2017. بعد أن صدرت لي مجموعتان قصصيتان، كتبت أول رواية طويلة لي بعنوان هاليو عن ثقافة وفنون كوريا الجنوبية، وأخذت أعرضها على كبار الناشرين، أملًا مني في التقدم خطوة مهمة إلى الأمام، وتعرضت للرفض من أكثر من مكان، إلى أن أكرمني الله بقبولها في المؤسسة العربية الحديثة، وهو ما كان بمنزلة حلم كبير يتحقق، وشرف عظيم كتبه الله لي.

أنت كاتبة ورسامة.. كيف أفادتك المواهب الأخرى في الكتابة؟


أرى أن الفنون كلها تكمل بعضها البعض، والكتابة ما هي إلا رسم بالكلمات. الرسم أفادني كثيرًا في الكتابة، لأنه يستلزم الكثير من التأمل في تفاصيل الطبيعة وملامح البشر وعاداتهم وحياتنا اليومية، وهذا كله يغذي العقل والذاكرة بموضوعات تصلح للتعبير عنها أيضًا بالقلم. وبصفة عامة، كل التجارب التي يمر بها الكاتب في حياته تمنحه مادة خصبة للكتابة، التي لا تعتمد على الخيال فقط، بل تنبض بالواقع.

كتبتِ روايتك هاليو وكان هناك تأثير كبير لها، ووجهت لك السفارة الكورية الدعوة لزيارتها بعد نجاح العمل.. كيف ترين تأثير الأعمال الأدبية في تعريف القراء بثقافات أخرى؟


الأعمال الأدبية لها دور كبير بالطبع في تعريف القراء بالثقافات الأخرى، وقد كتبت رواية "هاليو" إيمانًا بهذه الفكرة، فأنا من عشاق الثقافة والفنون الكورية قبل كتابتي للرواية بعشر سنوات، ولم يكن مثل هذا الاهتمام شائعًا في مصر وقتها، ففكرت في كتابة رواية تتحدث عن ثقافة وفنون كوريا الجنوبية، وتدعو إلى مزيد من التعاون الوثيق بين مصر وكوريا ثقافيًا وفنيًا، على أمل أن تنجح الرواية، فيتعرف عدد كبير من القراء على هذه الدولة الآسيوية التي لم تتحدث عنها أي رواية عربية من قبل، وينجذبون لنفس الثقافة التي أبهرتني، وبالتالي أجد حولي مع مرور الوقت من يشاركني نفس اهتمامي... وأعتقد أن هذا قد حدث فعلًا الحمد لله، وخاصة بعد فوز الفيلم الكوري "الطفيل" بالأوسكار بعد صدور روايتي بعام تقريبًا، وهذا جعل الكثيرين ينتبهون إلى أني كنت على حق عندما ركزت اهتمامي الأدبي على كوريا، والآن أصبح للثقافة والفنون الكورية العديد من المتابعين في مصر.

ناقشتِ الكثير من الازمات مثل مشكلات المراهقين في روايتك "أرى أسمع ولا أتكلم".. حدثينا عن هذه الرواية؟


رواية "أرى أسمع ولا أتكلم" تحدثت عن شريحة منتشرة في مجتمعنا اليوم، ليسوا مراهقين فعليًا، بل هم شباب وشابات في العشرينيات من عمرهم، لكنهم ما زالوا يعيشون حياة المراهقين، ويصرون على اختزال 10 سنوات أو أكثر من أعمارهم، ويظهر ذلك في الفشل الدراسي المتكرر، وعدم تحمل المسؤولية، واستمرار الاعتماد على الأهل، وعدم النضج، وممارسات أخرى سلبية. في هذه الرواية استخدمت الفانتازيا، وربطتها بالواقع، لعرض مشكلات هذه الشريحة من الشباب، مع استخدام أسلوب الرواة المتعددين في سرد أحداث الرواية، وتضمين بعض مقاطع من أشهر أغاني الراب المنتشرة بين الشباب اليوم في فصولها، والحمد لله لاقت الرواية استحسان القراء، ونفدت الطبعة الأولى، وأنتظر طبعة جديدة قريبًا إن شاء الله.

في روايتك "خمت" كانت هناك الكثير من الأحداث، وتطرقت للوفاة الغامضة لتوت عنخ آمون.. كيف كانت رحلتك مع الرواية؟


رحلتي مع "خمت"، بدأت من رغبتي في تقديم عمل تاريخي متميز لعرضه على مدير النشر بالمؤسسة وقتها، أستاذي العظيم د. نبيل فاروق. تخوفت من النمطية والرتابة عند التعرض لأحداث تاريخية، لذا فكرت في تناول فترة مليئة بالغموض والثقوب من تاريخنا الفرعوني، حيث لم يتوصل علماء المصريات بعد إلى فك شفرة كل ما يحيط بفترة حكم الملك توت عنخ آمون من أمور غير واضحة، واستخدمت عنصر الخيال لملء تقوب التاريخ وتوضيح الغموض كما رأيت، مع إدخال السفر عبر الزمن لمزيد من الإثارة والتشويق.


أنت مترجمة وصدرت لك عدد من الأعمال المترجمة.. كيف ترين حال الترجمة في مصر الآن؟


أعمل في ترجمة النصوص كما ذكرت منذ حوالي ربع قرن، لأن هذا مجال دراستي الأساسي بصفتي خريجة كلية الألسن، جامعة عين شمس، قسم اللغة الإيطالية، واهتممت أيضًا بدراسة وإتقان اللغة الإنجليزية، لكن عملي في ترجمة الكتب المطبوعة بدأته منتصف عام 2022 فقط. تخصصت في الترجمة الأدبية من الإنجليزية والإيطالية لأعمال روائية من دول مختلفة منها بلجيكا وتايوان وإيطاليا وأمريكا، واستفدت كثيرًا بمطالعة وترجمة أعمال تعبر عن ثقافات دول وقارات مختلفة، لذا أستمتع جدا بهذا العمل، وأرى أن ترجمة الكتب تعيش أزهى عصورها بمصر في الوقت الحالي، وأكبر دور النشر المصرية تتسابق في الحصول على حقوق ترجمة أنجح وأجود الأعمال الأجنبية من مختلف دول العالم، وتختار أفضل المترجمين لنقلها إلى العربية، وأفخر بكوني أحد أفراد خلية النحل العاملة في الترجمة الأدبية بمصر، وبتعاملي مع عدد من أكبر دور النشر في هذا المجال بفضل الله وتوفيقه.


ما العمل الذي تعكف عليه الآن علا سمير الشربيني؟


أجتهد بشدة للخروج من دوامة الحزن العميقة التي ابتلعتني بعد وفاة أبي مؤخرًا، وأستعين بالكتابة والترجمة لمساعدتي في العودة إلى الحياة الطبيعة في أسرع وقت. أعمل الآن على إنهاء كتابة روايتي الجديدة التي ستصدر بإذن الله مع روايات مصرية للجيب في معرض 2025، وهي تمزج بين الجريمة والفانتازيا والأدب النفسي، في إطار من التشويق والإثارة.


كما أتعاون مع دار عصير الكتب في ترجمة أكثر من رواية جديدة ضمن سلسلة من نوع الخيال العلمي للأديب الأمريكي نيل شسترمان، وأنتظر صدور ترجماتي الجديدة أيضًا في معرض القاهرة 2025.