الطريق
الأحد 30 يونيو 2024 08:51 صـ 24 ذو الحجة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
ختام الموسم الفني لأوركسترا مكتبة الإسكندرية بمشاركة رمزي يسي رئيس حي ثان المنتزة تقود حملة مكبرة لمراقبة الأسواق ورفع الإشغالات والتعديات على الطريق العام محافظ الغربية يتابع التزام الورش بقطور بمواعيد الغلق الصيفية وترشيد استهلاك الكهرباء وزير التجارة: مصر أكبر الأسواق الإفريقية في صناعة السيارات وزير التموين: استلام أكثر من 3.5 مليون طن قمح وسداد 45 مليار جنيه للموردين والمزارعين نقيب الفلاحين يبشر المزارعين بانفراجة قريبة في أسعار الأسمدة أسعار الذهب في البورصة العالمية ترتفع 12.8% النصف الأول 2024 عيار 21 بـ 3155 جنيهًا.. أسعار الذهب مساء تعاملات اليوم رئيس شعبة المخابز يكشف حقيقة التوقف عن العمل الأيام الماضية مسرح 23 يوليو بالمحلة يشهد احتفالية ثورة 30 يونيو.. غدا محافظة الغربية تحرر ٢٨ محضر بأسواق ومحال شهيرة بمركز ومدينة السنطه وقريتي شبراقاص ومسهله الأرصاد تعلن عن انخفاض جديد في الحرارة.. وتحذر من اضطراب أمواج البحر المتوسط

تامر أفندي يكتب: ماذا يريد ”تركي آل شيخ” من مصر؟

تامر أفندي
تامر أفندي

كنت شرعت في الكتابة عن فكرة روادتني، وأرجأتها للأسبوع القادم، لدى رؤيتي منشور لصديق يكتب فيه.. هو ترك آل شيخ عايز إيه من مصر؟
تذكرت أنني منذ سنوات أنني أجريت عدة حوارات مع عدد من الأشقاء العرب، أحدهم كان من العراق وحينها سألته إنت عايز إيه من مصر؟ فابتسم وقال لي: «اسألني إنت مش عايز إيه من مصر؟ إحنا عايزين مصر كلها حضارتها وتاريخها وناسها وطيبتها وفنها وشوارعها وضحكتها وقوتها وصبرها؟

مصر لنا الأمنية والأمل والأمان والدين والأولياء.. هنا في مصر القرآن بيمشي على الأرض، والأولياء ممكن تقابلهم في الشوارع».. وحكى لي أنه لسنوات حرم من الإنجاب وبدعوة مجذوب لم يلق له بالاً، أكرمه الله.


حكايات كثيرة تناولتها المقالات آنذاك لقلوب رأت مصر كما يجب أن تُرى.. لا عبر لحظة عابرة في عمر الزمن.. مصر التي كانت ولا زالت حائط الصد الأخير.. السد المنيع الذي تصدى لكل محاولات هدم وتجريف وتدمير الهوية العربية، مصر التي في خضم معاناتها تقتسم كسرة خبزها مع ضيفها.. مصر التي تحمل على عاتقها هموم غيرها.. مصر التي منثور في هوائها أبيات الشعر والفكر.. ليس لها مواسم زرع لعلمائها ولفنانيها وفنها.. حسناء لا يطول الشيب رأسها تلد وكأنها عروس ما زالت في خدرها.

إن تسألي عن مصر حواء القرى
وقرارة التاريخ والآثار
فالصبح في منفٍ وثيبة واضح
من ذا يُلاقي الصبح بالإنكار؟

مصر التي لا تكتمل أركان الإيمان إلا بها.. لا ينقص نبعها إذا سقت ظمأن ولا يجف ضرعها إذا أطعمت سائل.. هذا ليس حديثا منمقا ولكنه تاريخا من قبل أن يضع التاريخ قلمه في مدويات الحبر ليكتب.. ارجع إلى ما قالته الكتب السماوية والسلف وما ساقه "بن جبير" في تاريخه، وما خطه "ابن إياس" في "بدائع الزهور في وقائع الدهور".. تذكر مقدمة "بن خلدون" وما قاله "جمال حمدان" ووصف "الكندي" لها.. افتح رسالة بن العاص لعمر بن الخطاب حينما طلب منه أن يصف له مصر فكتب: "فبينما مصر يا أمير المؤمنين لؤلؤة بيضاء، إذا هي عنبرة سوداء، فإذا هي زمردة خضراء، فإذا هي ديباجة رقشاء، فتبارك الله الخالق لما يشاء".

مصر ليس فيها "شين" حتى ما تحسبه العين عيب فيها "زين" فها هو "ابن بطوطة" يضع في لوحته عنها كل ضدٍ فيصير التضاد تنوع وألق.. فكيرها نافع كالعنبر: "مصر مجمع الوارد والصادر، ومحط رحل الضعيف والقادر، وبها ما شئت من عالم وجاهل، وجاد وهازل، وحليم وسفيه، ووضيع ونبيه، وشريف ومشروف، ومنكر ومعروف، تموج موج البحر بسكانها، وتكاد تضيق بهم على سعة مكانها وإمكانها، شبابها يَجِدّ على طول العهد، وكوكب تعديلها لا يبرح عن منـزل السعد، قهرت قاهرتها الأمم، وتمكنت ملوكها من نواصي العرب والعجم، ولها خصوصية النيل الذي أجلّ خطرها، وأغناها عن أن يستمد القَطْرَ قُطْرُها، وأرضها مسيرة شهر لمجدّ السير، كريمة التربة، مؤنسة لذوي الغربة"


أنا تاج العلاء في مفرق الشر
ودراته فرائد عقدي
أي شئ في الغرب قد بَهر الناس جمالاً
ولم يكن منه عندي

دعك من العرب وكتبهم وكٌتابهم وحبهم وطريقة تعبيرهم عن تقديرهم، انظر إلى الغرب الدكتورة جروس، أستاذ الحضارات القديمة في نيويورك: "أستطيع أن أؤكد أنه بالرغم من وجود نسبة الأمية والفقر في مصر، إلا أنها عظيمة بأبنائها، وذلك لأن الحضارة تحت جلودهم".

أي شعور وفخر بنسب وأنت تقرأ عبارة أفلاطون التي كتبها بعد عشر سنوات عاشها في مصر: "ما من علم لدينا إلا وأخذناه عن مصر".. أي مجد يُمكن للكلمات وصفه بعد قوله لعلماء اليونان: "أنتم أطفال على علماء مصر".
أي عبارة تحتاجها للتوضيح بعد أن تقرأ "موسى والتوحيد" لـ"فرويد" وهو يهودي حتى النخاع: "عقدة اليهود الأزلية هي الحضارة المصرية".

كم ذا يُكابد عاشق ويلاقي
في حب مصر كثيرة العشاقٍ

إذا أردت أن تعيش بعد الموت فلتسكن قلوب المصريين.. فكاتب التاريخ وإن رطن اللغات جميعها إلا أن أصله مصري.. مصر الوطن وإن تأزمت وعانت وعاندتها حيناً السنوات.. وإن أحاطها اليأس تبقى الأمل.

في قلوب كل العرب ومنهم "آل شيخ" صورا لذكريات بها، برغبة محب يريد استعادتها، واستعادة سنوات عاشها.. ضحكات وشموخ وصداقات وأنس وونس..

فكم تدفع أنت لتُعيد لحظة من صباك!.. لتُعيد للحياة إحدى الحكايات التي مضت!.. لتسمع أغنية بنفس الشعور الذي سمعته بها أول مرة.. لتستعيد براءة البدء وأولويات العسل!.
لا تلومنا عاشق لعشقه.. فمصر لمن عشقها وعرف قدرها تظل ذكراً لا ينقطع.. وحلماً يؤرق المضاجع من فرط عذابات عشقها والشوق إليها.. فمن ذا الذي لا يعشق أرض الله وشعبها وجنودها!.


ومن ذا يكره أن يخرج من بين جناباتها رسل إلى كل مكان ينشروا علمها وفنها وثقافتها..! فلا تخافوا تماهيها.. فمصر من تضع صكها وتطبع ختمها وشامة حسنها ولكم من أمم جاءت بكل اللغات وخرجت تنطق بحرفها..
فأحبها أنت فقط كما يجب أن تُحبها.. كما تستحق أن تحبها.. وأترك غيرك يحبها كيف يشاء.. فتلك مذاهب في حب الآلهة.