الطريق
الخميس 4 يوليو 2024 08:58 صـ 28 ذو الحجة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

ذكري رحيل صلاح أبو سيف.. ”مات وهو زعلان من الجميع”

صلاح أبو سيف
صلاح أبو سيف

رحل صلاح أبو سيف في 23 يونيو عام 1996، منذ ذلك التاريخ ولا زالت السينما المصرية تترنح بين الصعود والهبوط، إلم يكن هو رائد الواقعية، الذي تعلم علي يد أستاذة كمال سليم عندما عمل معه كمساعد مخرج في فيلم "العزيمة"، هو أبو الواقعية المصرية، الذي عشق نجيب محفوظ إلم يكن الأثنان رواد من روادها، أقنع صلاح أبو سيف، الكاتب الكبير نجيب محفوظ أن يترك صومعته ويكتب للسينما.

من يريد السينما فعليه بأفلام صلاح أبو سيف، ومن يريد الرواية فعليه بـ نجيب محفوظ، هؤلاء هم الأساتذة الكبار، في إحدي المرات قال عن الرقيب والرقابة: الرقابة عندنا لا تعتمد علي قانونها بقدر ما تعتمد علي شخصية الرقيب، "فالقاهرة 30" قدمت السيناريو للرقابة 20 مرة وفي كل مرة يتم رفضه إلي أن وافق عليه رقيب جديد، فهم ما أراد أن يعبر عنه الفيلم.

دائما ما كانت ترفض الرقابة للمخرج صلاح أبو سيف أفلامه، حتي أخر أيامه، قبل عام من وفاته قرر الاعتزال، أرجع ذلك لأسباب مرضية، لكن الحقيقة أنها قدم سيناريو فيلم "تزوج وعش سعيدا" للكاتب لينين الرملي، إذا وافقت الرقابة والأزهر معا عليه سوف أعود، في هذا الوقت قابل الكاتب محمد جبريل، المخرج الكبير صلاح أبو سيف، في ميدان التوفيقية، قال له أحيا بالأمل أن تخرج لي فيلما عن رواية لي، قال وهو يسرع في خطواته ناحية شارع عرابي، أنا الأن مخرج معتزل، فلا تأمل سوي أن أقرأ لك.

دائما ما تكون النهايات مؤلمة، لكل البشر، أراد صلاح أبو سيف أن يخرج فيلما محوره العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة، فكرة قديمة ناوشته منذ بدايات عمله في الإخراج، ثم تصور أن مكانته، والرحلة التي قطعتها السينما المصرية، والتطور المذهل الذي أنجزته السينما العالمية، والوعي الذي تحقق للمتلقي من خلال وسائل الإعلام العالمية، ذلك كله، يتيح له إخراج الفيلم، الحلم القديم، ومنذ أن أعلن المخرج عن نيته، وعثر عليها عند لينين الرملي، وبدأت الأقلام تهاجم الفكرة، الحملة تواصلت ضده، بعدها أعلن المخرج عن اعتزاله العمل السينمائي، أرجعه إلي ظروفه الصحية وتقدم العمر، لم يقل الحقيقة صلاح أبو سيف، لكنه أصيب بالقهر، ساعتها قرر الابتعاد.

يقول الناقد سمير فريد، عن ملابسات رفض وقبول الرقابة لسيناريو فيلم "تزوج وعش سعيدا" تأليف لينين الرملي إخراج صلاح أبو سيف، فقد وافقت الرقابة وذلك ما صرح به المدير السابق حمدي سرور بقوله: وافقت عليه بعد سبعة عشر سنة من الرفض المستمر، لكن المؤلف أدخل بعض التعديلات، وأدخل عليه آيات قرآنية، ومواقف استدعت أن أرسله للأزهر بسبب بعض الشكاوي من داخل الرقابة نفسها، بالإضافة إلي أن صلاح أبو سيف، نفسه قد تبرأ من الفيلم في الصحف، لقد وافقت علي الفيلم رغم رفض جميع الرقباء، ويمكن القول بأن الرقباء أنفسهم تأثروا بالظروف المحيطة.

ويضيف المدير السابق، لقد رفض الفيلم علي مدي 17 عاما من كل من اعتدال ممتاز وصلاح صالح ونعيمة حمدي الرقباء السابقين، وقد كتب جميع الرقباء تقارير عنيفة ضد الفيلم، وقد أرسلته إلي الأزهر لأمنع عن نفسي الحرج، خاصة أن المسألة أصبحت معقدة، هناك عقول بدأت تنغلق وأصوات تعلو، وبدأت بعض التيارات تزيد، الجرائد القومية تهاجمني، وتقول يا وزير الثقافة هناك فيلم "جنسي" سيتم تصويره، لقد تسربت تقارير الرقابة ذاتها إلي الصحف، لقد ضمن المؤلف والمخرج السيناريو وأحاديث لا أعرف صحتها، هذا الكلام جاء علي لسان الرقيب في ذلك الوقت، هنا الأزهر هو المسئول، طلبت من صلاح أبو سيف أن يذهب لمناقشة رجال الأزهر، فرفض.

لم يتحمل الجسد المنهك تبعات ما حدث بين الرقابة والأزهر وقرر الرحيل في صمت، ساعتها أدرك أن المسألة ليست رقابية بحتة، ولكنها العقول التي في الأجساد، وفي النهاية استشهد سمير فريد بما قاله الكاتب الكبير الفرنسي جان جينيه، "إنهم ينصتون ولكن أحداً لا يسمع!".

تاريخ صلاح أبو سيف مليء بالأعمال الفنية، منذ أن جاء من المحلة الكبري وكان يعمل في شركة المنسوجات هناك، أقنعه نيازي مصطفي المخرج أن يتجه إلي السينما بعدها سافر إلي فرنسا وإيطاليا ليدرس السينما هناك، وحين عاد عمل في أستديو مصر وأخرج أول أفلام "هو دائما في قلبي" بطولة عماد حمدي، عقيلة راتب.

شارك في تأليف 26 عمل سواء بالقصة أو السيناريو والحوار من بينها فيلم البداية، القادسية، النعامة والطاووس، السيد كاف، المجرم، وسقطت في بحر العسل، كما ظهر في فيلم "أضواء المدينة" عام 1972، وله العديد من الأعمال الفنية الرائعة منها القاهرة 30، السقا مات، فجر الإسلام، شيء من العذاب، الزوجة الثانية، لا وقت للحب، رسالة من امرأة مجهولة، بداية ونهاية، بين السماء والأرض، أنا حرة، الفتوة، الوسادة الخالية، لا أنام، شباب امرأة، الوحش، الأسطي حسن، لك يوم يا ظالم، الحب بهدلة.

يبلغ عدد أفلامه التي تم اختيارها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم مصري في القرن العشرين بحسب استفتاء عدد من النقاد في سنة 1996 أحد عشر فيلمًا لك يوم يا ظالم 1951، ريا وسكينة (195، الوحش 1954، شباب امرأة 1956، الفتوة 1957، أنا حرة 1959، بين السماء والأرض 1960، بداية ونهاية 1960، القاهرة 30 1966، الزوجة الثانية 1967، السقا مات 1977.

ولد المخرج صلاح أبو سيف في 10 مايو 1915، وتوفي 23 يونيو 1996.