محمد عبد المطلب.. رحلة «صوت الحارة» من صالة بديعة إلى الألف موال

لم يكن يدرك ذلك الطفل الريفي الذي يجلس على المقهى الشعبي الكائن في "شبراخيت" بجوار الأسطوانات التي يخرج منها صوت المطربين عبد الحي حلمي وعبد اللطيف البنا يستمع إلي أغانيهم ويتعلم فن الطرب منهما أنه سيصبح يومًا مطربًا مثلهما يشار له بالبنان ويتربع على عرش الأغنية الشعبية، هو ملك الموال وصوت الحارة المطرب محمد عبد المطلب.
ولد محمد عبد المطلب في 13 أغسطس 1910 في مركز شبراخيت بدمنهور في البحيرة، هو الخامس في الترتيب بين 7 أشقاء، درس في كُتاب بلدته وحفظ القرآن الكريم، تعلق قلبه بالغناء رغم علمه برفض والده التاجر أن يعمل مطربًا، وحتى يتمكن من السفر أخبر والده أنه سوف يدرس هناك وسافر مع شقيقه الأكبر ليبدأ رحلته مع الشهرة.
عانى عبد المطلب في أيامه الأولى في القاهرة، إذ لم يكن عمره قد تجاوز الـ 15عاما عندما عمل "مذهبجي" في تخت المطرب داوود حسني، ثم وجد نفسه في صالة بديعة مصابني التي كانت تضج بعمالقة الغناء والطرب، وقف الحظ بجانبه وتقابل مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب الذي أعجب بصوته وسجل له 6 أسطوانات لصالح شركته "بيضافون" مقابل 12 جنيها، ومن بين تلك الأغاني نجحت له أغنية "بتسألني بحبك ليه" من ألحان صديق البدايات محمود الشريف وكانت تحمل معها الشهرة التي بات ينتظرها.
كانت المحطة المهمة في حياته عندما عمل في الإذاعة مقابل 3 جنيهات وعندما عرف الشيخ زكريا أحمد أنه لا يملك المال ليشتري أغنية منحه لحن "أوعى يا قلبي تقول مليت مهما الزمان يعند وياك" ليكون اللحن الأول له في الإذاعة وغناه دون مقابل، سعى "طلب" أن يصنع لنفسه مدرسة خاصة ويجدد في لون الغناء الشعبي ويدخل به الموال.
توالت أغانيه وغنى من كلمات وألحان الكبار السنباطي والموجي وكمال الطويل وبرزت له العديد من الأغاني أشهرها "بحر المحبة، شوفت حبيبي، يا حاسدين الناس، فايت وعنيه في عنيا، الناس المغرمين" ومع رفيق دربه الملحن محمود الشريف غنى "ما بيسألش عليه أبدًا، يا أهل المحبة، ودع هواك" وتبقى "رمضان جانا" هي أيقونة أغانيه التي تعلن عن قرب شهر الصيام، وكتب له العديد من الشعراء أبرزهم مرسي جميل عزيز في واحدة من أجمل أغانيه "بصعب على روحي" بينما كانت الشهرة الأكبر من "في قلبي غرام" التي كتبها عبد العظيم محمد، وتضاعفت الشهرة في "ساكن في حي السيدة" لتتربع على عرش الأغنية تظل الشعبية وتجاوزت أغاني عبد المطلب الألف أغنية.
كان نجاحه في الطرب الباب الذي دخل من للسينما وكانت البداية من فيلم "خلف الحبايب" وأنتج له محمد عبد الوهاب "تاكسي وحنطور"، ثم أسس شركة للإنتاج السينمائي وأنتج فيلم "الصيت ولا الغنى" ولكنه خسر إنتاجيا، وتوالت مشاركاته في العديد من الأفلام أبرزها "ليلة غرام، لك يوم يا ظالم" وشارك بالغناء في العديد من الأفلام أشهرها "توحة، بنت الحتة" و"ليلي بنت الأكابر" ونجت له أغنية "ليلة بيضا" ضمن أحداث الفيلم وحققت شهرة مدوية.
3 زيجات في حياة عبد المطلب كانت الأولى من شوشو عز الدين شقيقة الراقصة والفنانة ببا عز الدين وأنجب منها التوأم "نور وبهاء" والثانية من السيدة نرجس شوقي ولم يدم الزواج طويلا وانفصلا عنها، والثالثة من شقيقة زوجة الملحن محمود الشريف وأنجب منها ابنتان "سامية" و"انتصار" والأخيرة توفيت في مرحلة شبابها وكانت وفاتها صدمة لـ"طلب" لم يتجاوزها وظل الحزن يرافقها لمدة عام حتى لحق بها في 21 أغسطس 1980، رحل "ملك المواويل" وعاشت أغانيه في وجدان وقلب محبيه.
اقرأ أيضاً.. لينا شاماميان تحيي حفلا في مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء في هذا الموعد