الطريق
السبت 19 أبريل 2025 02:06 صـ 21 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
يحيى الفخراني يتوّج “شخصية العام الثقافية” في احتفالية كبرى للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالرباط الدكتورة غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون توقع برتوكول تعاون مع جامعة عفت بالمملكة العربية السعودية الرقص الحديث تستلهم أولاد حارتنا وشهرزاد فى عرض البصاصين على مسرح الجمهورية ”أنقذوا الأطفال”: إغلاق المخابز والمستشفيات في غزة ونقص حاد في المساعدات الإنسانية فيديو| ضياء رشوان: مصر القوة العسكرية الأكبر في المنطقة والجهود مستمرة لوقف حرب غزة زينب مأمون تفوز بعضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي للكيك بوكسينج بالصور| المهندس مدحت بركات يفتتح مقر حزب أبناء مصر بالإسكندرية شحاته زكريا يكتب الرئيس السيسي في الخليج.. تثبيت التحالفات وترسيخ أركان الاستقرار ”الشباب والرياضة ” تنظم ندوة توعوية ضمن مبادرة ”شباب على خطى النور” بمحافظة بورسعيد وزير البترول والثروة المعدنية يلتقي نائب رئيس شركة بريتش بتروليوم ”بي بي” للغاز والطاقة منخفضة الكربون نائب وزير الصحة يتفقد عددًا من المستشفيات بمحافظة الإسكندرية.. ويوصي بصرف مكافأة للمتميزين وزير الأوقاف وعدد من السفراء يشهدون ختام دورة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية لتدريب عدد من الطلاب الوافدين

العلاقات المصرية الأذربيجانية قديمًا وحديثًا.. التحديات وآفاق التعاون المستقبلية

يعود تاريخ العلاقات الثنائية بين جمهورية مصر العربية وجمهورية أذربيجان إلى العصور القديمة، حيث تمتد الروابط الثقافية والتجارية والسياسية بين البلدين على مر العصور، وتشهد العلاقات بين القاهرة وباكو تطورًا وتعمقًا مستمرين على مر الزمان.

في هذا التقرير سنستكشف العلاقات المصرية الأذربيجانية قديمًا، ونلقي نظرة على التطورات الحديثة في هذه العلاقات.

العلاقات المصرية الأذربيجانية القديمة:

تعود العلاقات بين مصر وأذربيجان إلى العصور القديمة، وتمتد العلاقات الثقافية بينهما إلى فترة الدولة البيزنطية والدولة الإسلامية. كما أن هناك مؤشرات على وجود علاقات دبلوماسية بين مصر وأذربيجان في عهد الدولة المملوكية والعثمانية.

وكانت هناك تجارة بين البلدين عبر طرق الحرير القديمة. وفي العصور الوسطى، شهدت المنطقة تبادلات ثقافية وعلمية بين العالم الإسلامي ومصر، وأذربيجان التي كانت تحت حكم الدولة الصفوية في تلك الفترة. وتأثرت العديد من الممالك والدول في المنطقة بالثقافة المصرية وأسلوب العيش، وتم تبادل الفنون والعلوم بين البلدين.

وتشير السجلات التاريخية إلى أن العديد من العائلات الملكية المصرية القديمة قد قامت بإرسال بعثات دبلوماسية وتجارية إلى أذربيجان لتعزيز العلاقات بين البلدين.

ويعود أول اتصال رسمي بين الجانبين إلى عهد الدولة العباسية في القرن الثامن، عندما أرسل الخليفة العباسي المأمون سفيرًا إلى مصر لتبادل التحية مع الخليفة الفاطمي في القاهرة. كما كان هناك تبادل للعلماء والفنانين والتجار بين البلدين على مر العصور.

وفي العصور القديمة، عاشت مصر فترات ازدهار متعددة، وكانت تعتبر مركزا حضاريا رئيسيا في المنطقة. في هذا السياق، كانت تجارة مصر مزدهرة ومتنوعة، قد تم توثيق وجود علاقات تجارية بين مصر وبلاد القوقاز، التي تشمل أذربيجان.

وتشير الآثار المكتشفة في كلا البلدين إلى تبادل السلع والفنون والثقافات. وُجدت أدوات وسلع من مصر في مواقع أثرية في أذربيجان، مما يدل على التجارة المستمرة بين البلدين. كما يشير الأثر الثقافي واللغوي للعرب في أذربيجان إلى العلاقات الثقافية التي تكونت عبر العصور.

في العصور الوسطى، أثرت العوامل الدينية في تعميق العلاقات بين البلدين. تبنت مصر الإسلام كديانة رسمية، وبدأت العلاقات مع أذربيجان المسلمة في تلك الفترة. تم توثيق علاقات تجارية وثقافية بين البلدين، وتم بناء مساجد ومدارس إسلامية في كلا البلدين، مما أسهم في تعزيز الروابط الثقافية والدينية.

وشهدت العلاقات بين مصر وأذربيجان توسعًا خلال العصور الوسطى، حيث كانت مصر تعد واحدة من أهم المراكز التجارية في المنطقة، قام التجار الأذربيجانيون بزيارة مصر بانتظام للتجارة بالتوابل والمنتجات الزراعية الأخرى، بينما كانت مصر تستورد الصوف والمنسوجات الفاخرة والمجوهرات من أذربيجان.

وتجاوزت العلاقات بين مصر وأذربيجان العصور القديمة وتطورت في العصور الحديثة والمعاصرة.

العلاقات المصرية الأذربيجانية الحديثة

شهدت العلاقات بين مصر وأذربيجان تطورات هامة في العقود الأخيرة. في عام 1991، استعادت أذربيجان استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وأقامت علاقات دبلوماسية مع العديد من الدول في العالم، بما في ذلك مصر التي بادرت بتطوير وتعزيز العلاقات مع أذربيجان في مختلف المجالات. في عام 1992، أقامت البلدين علاقات دبلوماسية رسمية وفتح البلدين سفارتهما في القاهرة وباكو.

في عام 1992، قام الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك بزيارة رسمية إلى أذربيجان، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات والمذكرات التفاهم لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والثقافة والسياحة، بما في ذلك اتفاقية التعاون الثقافي والعلمي والتقني بين البلدين، ومنذ ذلك الحين، شهدت العلاقات بين البلدين تطورًا مستدامًا في مختلف المجالات.

وفي عام 1994، اختار الزعيم الراحل حيدر علييف أن تكون مصر أول دولة افريقية يزورها، ليضع حينها أسس العلاقات الحديثة بين البلدين. وتواصلت العلاقات بين البلدين على مدار العقود التالية، وشهدت تعزيزًا في عهد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الذي تولى السلطة في عام 2003.

وتميزت العلاقات الثنائية بين البلدين بأنها تستند إلى قواعد الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وتركزت العلاقات بين مصر وأذربيجان على التعاون في مجالات الاقتصاد والثقافة والتعليم والسياحة، وتم تبادل الزيارات الرسمية بين الزعماء السياسيين لكلا البلدين، مما ساهم في تعزيز التفاهم المتبادل وتعميق الروابط بين الشعبين. ولتعزيز العلاقات تم توقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدين مثل: اتفاقية للتعاون الثقافي والعلمي، واتفاقية لتفادي الازدواج الضريبي وتشجيع الاستثمار.

التعاون السياسي:

تم تعزيز العلاقات بين مصر وأذربيجان خلال فترة الرئيس جمال عبد الناصر في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. في ذلك الوقت، كان عبد الناصر من الزعماء العرب الذين كانوا يسعون لتوحيد العالم العربي ومحاربة الاستعمار، وقد وجد دعمًا قويًا من قبل أذربيجان والاتحاد السوفيتي.

شهدت البلدين تبادل الزيارات الرسمية بين المسؤولين الحكوميين، مما أسهم في تعزيز التفاهم المتبادل وتعاونهما في القضايا الإقليمية والدولية المشتركة.

وعلى مدار العقود الماضية تم توقيع العديد من الاتفاقيات والمذكرات التفاهم بين البلدين في المجالات المختلفة، بما في ذلك الثقافة والتعليم والتعاون الاقتصادي.

وتتميز العلاقات السياسية بين مصر وأذربيجان بالتعاون المستمر في المحافل الدولية والمنظمات الإقليمية. تشترك البلدين في رؤى مشتركة بشأن القضايا الإقليمية والدولية، وتؤكدان على أهمية الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليمي.

تعاونت مصر وأذربيجان في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ودعمتا بعضهما البعض في القضايا السياسية الهامة مثل قضية فلسطين وقضية قره باغ.

وتواصلت العلاقات بين البلدين على مدار العقود التالية، وشهدت تعزيزًا في عهد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الذي تولى السلطة في عام 2003. تركزت هذه العلاقات على مجالات التعاون الاقتصادي والثقافي والسياسي. تم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات التجارة والاستثمار والتعاون العلمي بين البلدين.

وفي عام 2020، شهدت العلاقات بين مصر وأذربيجان تطورًا كبيرًا بعد نجاح أذربيجان في حرب كاراباخ المستمرة منذ عقود. أعربت مصر عن دعمها لسيادة أذربيجان ووحدة أراضيها، وعبّرت عن استعدادها لدعم جهود التسوية السلمية والحوار بين أذربيجان وأرمينيا.

وتعززت العلاقات الثنائية بين البلدين أيضًا عبر التعاون في المجالات الأمنية. تم تنفيذ العديد من الزيارات الرسمية بين البلدين لتعزيز التواصل والتنسيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يشمل تبادل الخبرات في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

وفي عام 2023 قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأول زيارة رسمية إلى أذربيجان والتقى بالرئيس إلهام علييف، الذي سبق له زيارة مصر عام 2007 خلال فترة حكم الرئيس حسني مبارك. وخلال زيارة السيسي تم توقيع اتفاقيات تعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية.

وفي ضوء التطورات الأخيرة في العلاقات الثنائية، يمكن القول إن هناك إرادة قوية لتعزيز التعاون والتبادل بين مصر وأذربيجان. تعتبر مصر وأذربيجان عضوين في منظمات إقليمية مثل منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد من أجل المتوسط، مما يوفر منصة إضافية للتعاون والتشاور في قضايا الأمن والتنمية والتعاون الثقافي.

التعاون الاقتصادي:

في المجال الاقتصادي، تعاونت مصر وأذربيجان في مجالات عدة مثل الطاقة والتعدين والزراعة والبنية التحتية. وقعت البلدين اتفاقيات تجارية واستثمارية لتعزيز التعاون الاقتصادي بينهما.

وتشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر وأذربيجان نموًا مستمرًا، ويتم التركيز على تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة بين البلدين.

وتعد صناعة النفط والغاز واحدة من أهم مجالات التعاون بين البلدين، حيث تمتلك أذربيجان احتياطيات كبيرة من النفط والغاز وتتطلع مصر إلى استغلال هذه الفرص لتلبية احتياجاتها من الطاقة. وتعمل شركات مصرية في قطاع النفط والغاز في أذربيجان والعكس صحيح. بالإضافة إلى ذلك، توجد فرص استثمارية في قطاعات أخرى مثل السياحة والزراعة والتكنولوجيا.

وتعاقدت شركات مصرية على عدة مشاريع في أذربيجان في قطاعات مثل البناء والهندسة والبترول. وفي عام 2015، أطلقت شركة نفط مصرية وأذربيجانية مشتركة لاستكشاف وتطوير حقول النفط والغاز في أذربيجان.

التعاون الثقافي والتعليمي:

في المجال الثقافي والتعليمي، تم تنظيم برامج تبادل ثقافي بين البلدين لتعزيز التفاهم الثقافي والتعليمي. تم تبادل الطلاب والأساتذة والباحثين الأكاديميين بين الجامعات والمؤسسات التعليمية في كلا البلدين. كما أقيمت معارض فنية وعروض موسيقية ومسرحية لتعريف الجمهور بالثقافة الأذربيجانية والمصرية.

وتعتبر مصر مقصدًا شهيرًا للطلاب الأذربيجانيين لمتابعة تعليمهم العالي، وتقدم المنح الدراسية للطلاب الأذربيجانيين في مجالات مختلفة. وتستقبل مصر أيضًا العديد من الزوار الأذربيجانيين الذين يهتمون بالتعرف على التراث المصري القديم والثقافة المعاصرة.

وفي عام 2018، نظمت أذربيجان معرضًا ثقافيًا في القاهرة، حيث تم عرض الفنون والحرف اليدوية التقليدية والأزياء والمجوهرات والمأكولات الأذربيجانية التقليدية. كما تم تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية المشتركة في كلا البلدين لتعزيز فهم الثقافات المتبادلة وتعزيز التعاون.

وتحظى العلاقات السياحية بين مصر وأذربيجان أيضًا بأهمية كبيرة. يزور العديد من السياح الأذربيجانيين مصر سنويًا للاستمتاع بجمال الآثار المصرية والشواطئ الساحرة. وتوفر مصر أيضًا فرصًا للسياح العرب والأجانب للتعرف على الثقافة الأذربيجانية من خلال تنظيم رحلات سياحية وفعاليات ثقافية.

التحديات وآفاق التعاون المستقبلية:

وعلى الرغم من التطورات الإيجابية في العلاقات بين مصر وأذربيجان، فإن هناك تحديات تواجه تعميق التعاون. من بين هذه التحديات هي البُعد الجغرافي، حيث تفصل المسافة الجغرافية البلدين وتعوق حركة التبادل التجاري والثقافي. بالإضافة إلى ذلك، تواجه أذربيجان صعوبات في الوصول إلى البحر الأحمر وقناة السويس، مما يحد من إمكانيات التعاون البحري.

مع ذلك، يظل هناك إمكانية كبيرة لتعزيز التعاون بين مصر وأذربيجان في المستقبل. يمكن تعزيز التجارة الثنائية من خلال تنظيم المعارض التجارية وتبادل المنتجات والخدمات بين البلدين. يمكن أيضًا تعميق التعاون في مجال السياحة وتعزيز التبادل السياحي بين البلدين من خلال تبادل الخبرات والتعاون في تسويق الوجهات السياحية.

علاوة على ذلك، يمكن تعزيز التعاون في مجال الثقافة والتعليم من خلال تنظيم برامج تبادل ثقافي وتعليمي بين البلدين. يمكن تبادل الخبرات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والأبحاث، وتطوير برامج تعليمية مشتركة وتبادل الطلاب والأكاديميين.

ويظهر تاريخ العلاقات المصرية الأذربيجانية العريقة التطور الإيجابي في العلاقات بين البلدين على مر العصور، ومع استمرار التواصل والتعاون الثنائي، من المتوقع أن تستمر العلاقات المصرية الأذربيجانية في التقدم والتعزيز في المستقبل.

في الختام، يمكن القول إن العلاقات المصرية الأذربيجانية قديمًا وحديثًا تعد استمرارًا للروابط التاريخية وتشكل فرصًا للتعاون والتطوير في مجالات متعددة. يجب تعزيز هذه العلاقات من خلال تبادل المزدوج والاستفادة من الفرص الاقتصادية والثقافية المتاحة بين البلدين. ويمكن أن تلعب مصر وأذربيجان دورًا مهمًا في تعزيز التعاون الإقليمي وتعميق الروابط بين الدول في منطقة البحر الأبيض المتوسط والقوقاز. ومن المهم أيضًا تعزيز التبادل الثقافي والتعليمي بين الشعبين، حيث يمكن للثقافة والتعليم أن تسهم في تعزيز الفهم المتبادل وتعزيز العلاقات الشخصية بين الأفراد.

يتطلب تعزيز العلاقات بين مصر وأذربيجان جهودًا مشتركة من البلدين لتعزيز التبادل والتعاون في مختلف المجالات. يجب أن تعمل الحكومات والمؤسسات الخاصة والمجتمع المدني على تعزيز الروابط الاقتصادية والثقافية والسياسية بين البلدين من خلال التفاهم المتبادل وتعزيز الشراكة.

«الذكاء الاصطناعي» والكذب على العقل البشري