بعد 55 سنة من سخرية الزعيم.. هل مازالت مصر بلد شهادات؟

3 % نسبة المقيدين في مرحلة التعليم العالي من إجمالي عدد سكان مصر 2017
0.4 % نسبة المقيدين في مرحلة التعليم العالي من إجمالي عدد السكان في الستينيات
8 آلاف طبيب يتخرجون سنويًا من كليات الطب و100 ألف خريج من كليات التجارة
35 ألف مهندس عاطلون عن العمل
«بلد بتاعة شهادات صحيح».. الجملة التى رددتها شخصية «سنوسى» وجسدها الكبير عادل إمام فى مسرحة «أنا وهو وهى» 1963، أى منذ ما يقارب 56 سنة، لم تمر مرور الكرام على مسامع المصريين، بل حفظت وسجلت وترددت على المسامع، عندما تذكر قيمة الشهادات التعليمية فى مصر، تذكر قيمتها ومفعولها السحرى فى سوق العمل، ونظرة المجتمع لحامل تلك الشهادات، ونظرًا لأن مصر بلد تحتضن ملايين الشهادات، ويخرج من مرحلة التعليم العالى فيها مئات الآلاف سنويًا، لم تعد جملة «سنوسى» تحمل معناها الحقيقى، إذ إن مصر فى عهد «سنوسى» كان عدد المتعلمين فيها والدارسين فى مرحلة التعليم العالى ما يقارب الـ122 ألفًا، وذلك حسب دراسة لأستاذ علم الاجتماع بجامعة المنيا الدكتور صابر أحمد الدكرورى، وكان فى ذلك الوقت يصل عدد سكان مصر فى الستينيات إلى ما يقرب من 29 مليون نسمة، حسب أول تعداد تم إجراؤه فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، أى أن عدد أصحاب الشهادات العليا كان يقدر بنسبة 4. % من إجمالى عدد السكان، مما يظهر قلة المقيدين فى هذه المرحلة التعليمية ونظرة المجتمع لهم، فيكفى أن تعرف أن تكلفة التعليم الجامعى فى عصر ما قبل ثورة 1952 كانت باهظة بالمعنى الحرفى للكلمة، حيث وصلت مصاريف كلية مثل الآداب إلى 20 جنيهًا، بينما كلية الطب 45 جنيهًا، والتجارة 25 جنيهًا فى العام الواحد، فى وقت يبلغ فيه دخل الأسرة المتوسطة ما يقرب من «490 قرشًا للإعاشة»، وهذا ما يؤكد أن الشهادات كانت دومًا للقادرين وحدهم، ولم تكن لجميع الطبقات، حتى جاءت الثورة وبدأت مرحلة التعليم المجانى.
أما فى عام 2018 فيبدو الحال مختلفًا كثيرًا عما كان عليه، فنظرة سريعة على ما يقوم بإعلانه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فتتضح أرقام أكثر صدامية، حيث بلغ عدد المقيدين بالتعليم العالى عام 2017، ما يقارب الـ3.03 مليون طالب، فى وقت كان عدد الطلاب فى عام 2016 يقدر بـ 2.97 مليون طالب فى زيادة وصلت لـ2.1 %، لكن إذا نظرنا إلى نسبة المقيدين بالتعليم العالى خلال تلك الفترة والمقيدين فى الستينيات من القرن الماضى سوف نجد أن نسبة 3 % من سكان مصر مقيدون فى هذه المرحلة التعليمية، بينما كانت النسبة فى الماضي تقدر بـ0.4 % من إجمالى عدد السكان.
مصر أصبحت بالفعل الآن بلد «بتاعة شهادات»، فيكفى إعلان الجهاز المركزى للتعبئة العامة عن عدد الخريجين من الجامعات الحكومية، البالغ عددهم 368 ألف خريج، أما خريجو الجامعات الخاصة، فبلغ عددهم 22 ألف خريج عام 2017 بنسبة 4.2 % من إجمالى خريجى التعليم العالى، وبسبب الملايين الحاصلين على شهادات عليا، عكس ما كان يسخر منه «سنوسى»، باتت الشهادات متوافرة وبكثرة، ولم تعد ذات قيمة كبيرة، من ناحية نظرة المجتمع، لكن يبدو أن بعض الكليات فى مصر تستحوذ على نصيب هائل من المقيدين والخريجين منها، وتحتاج إلى قراءة جديدة.
أعداد الخريجين من بعض الكليات في مصر
عدد الخريجين سنويًا من كلية التجارة يصل إلى ما يقارب الـ100 ألف خريج، وحسب ما أعلنه الدكتور حاتم قابيل، الأمين المساعد لنقابة التجاريين، فإن هذه الأعداد لا يحتاجها سوق العمل، ويجب على المجلس الأعلى للجامعات ضبط هذه الأرقام وسرعة خلق توازن بين سوق العمل واحتياجاته من خريجى كلية التجارة.
35 ألف مهندس لا يحتاجهم سوق العمل
من ناحية أخرى، تبلغ أعداد خريجى كلية الهندسة 35 ألف مهندس سنويًا تخرجهم المنظومة التعليمية فى مصر.. هذا ما أكده نقيب المهندسين الأسبق طارق النبراوى الذى أعلن بوضوح أن سوق العمل لا يحتاج إلى هذا الكم الهائل من خريجى كليات ومعاهد وحاصلين على بكالوريوس الهندسة.
8 آلاف طبيب يتخرجون سنويًا من كليات الطب
وسط كل الزيادات الهائلة فى أعداد الخريجين خرج من أعوام وزير الصحة السابق عماد الدين راضى ليعلن بوضوح أن عدد خريجى كليات الطب فى مصر سنويًا يقدر بـ8 آلاف وأن بعضهم غير مؤهلين لممارسة المهنة.
لكن وسط كل تلك الأرقام، يظل السؤال الأبرز هو: ما المهنة الأهم فى سوق العمل المصرى، بعيدًا عن قيمة الشهادة نظريًا وعمليًا، وما الشهادة التى يحملها رجال الثروة فى مصر؟.
كلية الهندسة.. خريجون ومليارديرات.. 140 مليار قيمة ثروة أربعـة مهندسين
نجيب ساويرس.. الهندسة الميكانيكية وعلاقتها بالثروة!
درس رجل الأعمال نجيب ساويرس فى مصر حتى حصل على بكالوريوس فى الهندسة الميكانيكية، ثم أكمل دراسته فى سويسرا ودرس فى المعهد الفيدرالى السويسرى وحصل على ماجستير فى علوم الإدارة التقنية، ويعتبر ساويرس من أكبر رجل الأعمال البارزين فى مصر، حيث إنه أسهم فى إنشاء عدد كبير من الشركات المصرية الهامة فى كل المجالات، منها الاتصالات والإعلام، فهو مؤسس شركة «موبينيل» عام 1997 المعروفة حاليًا باسم «أورنج مصر»، ثم أسهم فى مؤسسة المصرى اليوم وإنشاء مجموعة قنوات ontv، ويكفى أنه رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات «أوراسكوم للاتصالات» و«أوراسكوم للتكنولوجيا»، وحصل ساويرس على المركز الـ460 ضمن قائمة أغنى أغنياء العالم، حسب مجلة «فوربس» عام 2019 بثروة تقدر بـ3.9 مليار دولار.
محمد منصور.. هندسة وإدارة أمريكية للأعمال
ليس مجرد رجل أعمال هام فى مصر، بل هو مؤسس لكيان اقتصادى ضخم وهام، هو مجموعة منصور، وهى من كبرى المجموعات الاقتصادية فى مصر وأكثرها نجاحًا وتحقيقًا للأرباح.. محمد منصور تخرج فى كلية الهندسة جامعة ولاية نورث كارولينا فى 1968، ولم تتوقف دراسته عند هذا الحد، بل استكملها حتى حصل على درجة الماجستير فى إدارة الأعمال من جامعة «أوبرين» عام 1971، ونجح منصور فى إنشاء العديد من الشركات فى مصر، وإدارتها بشكل جيد، أهمها شركة منصور «شيفروليه»، تمتلك عائلته 15 % من شركة «جنرال موتورز» مصر، وتولى منصور رئاسة الغرفة التجارية الأمريكية، كما شغل منصب وزير النقل والمواصلات فى الفترة من 2005 إلى 2009، حيث استقال من منصبه بعد حادث تصادم قطارى القاهرة، وقدرت مجلة فوربس ثروته بـ2 مليار دولار عام 2011.
ساميح ساويرس.. الرجل الذي بنى «الجونة»
ليس هو الأغنى على الإطلاق فى مصر، لكنه رجل السياحة القوى الذى أنشأ مدينة الجونة على البحر الأحمر، وخلق صناعة حيوية فى مجال السياحة، بعدما سيطرت عليه لفترة شركات أجنبية بفنادقها ومشروعاتها الاقتصادية. ساميح ساويرس درس فى مصر لفترة، ثم التحق بكلية الهندسة الميكانيكية فى جامعة برلين التقنية، وحصل على الدبلوم هناك، ثم عاد إلى مصر وحقق عددًا من النجاحات على المستوى الإنشائى، حيث أسس الجونة ومرتفعات طابا، وهو عضو مؤسس فى مجموعة أوراسكوم متعددة النشاطات. مجلة فوربس سنة 2007 قدرت ثروته بـ1.5 مليار دولار.
أحمد عز.. مهندس صناعة الحديد في مصر
كلية الهندسة جامعة القاهرة، يعد أحمد عز أحد أبنائها والرجل الذى استطاع اقتصاديًا أن ينجح ويبرز فى فترة وجيزة، ورغم الخلاف السياسى الذى يظهر دومًا عندما يذكر اسم أحمد عز، لكنه رجل أعمال يقود إمبراطورية اقتصادية داخل مصر تسمى «حديد الدخيلة»، وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات واضحة تظهر حجم ثروة أحمد عز، إلا أن البعض قدرها بمليار دولار أو يزيد، غير أن هذه الأرقام غير مؤكدة ولا توجد إحصائيات رسمية بها حتى الآن، وبعيدًا عن هذا نجح عز فى الإبقاء على مؤسساته الاقتصادية والحفاظ عليها وتطويرها خلال السنوات الماضية، مما يبقيه ضمن رجال الأعمال البارزين والناجحين فى مصر.
ناصيف ساويرس.. الأغنى فى مصر وما حولها
بعكس ما يتناوله البعض حول أغنى رجل فى مصر والاعتقاد بأن نجيب ساويرس هو صاحب الحظ الأكبر من الثروة، لكن الحقيقة أن شقيقه ناصيف ساويرس هو صاحب هذه الصفة، فهو الرجل الأغنى فى مصر، بل المنطقة العربية كاملة بثروة تقدر بـ6 مليارات و600 مليون دولار، حسب ما أعلنته مجلة فوربس التى وضعت ناصيف ضمن قائمة أغنى 250 رجل أعمال على الكوكب.
تدرج ناصيف ساويرس فى التعليم فى مصر، إلى أن وصل إلى المرحلة الثانوية، ثم أرسله والده إلى أمريكا.
درس ناصيف الاقتصاد فى جامعة شيكاغو، وتخرج فيها، ثم عاد مرة أخرى إلى مصر، من أجل مشاركة والده فى أعماله، وعند عودته شغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة أوراسكوم للمقاولات، وعمل على توسيع نطاق الشركة وتعاملاتها، ففى التسعينيات قام بعدة توسعات، فأصبح للشركة عدد من المشروعات فى بعض الدول الخليجية، كما قامت الشركة بالعديد من المشروعات فى القارة الإفريقية، كما أنه عمل على مضاعفة إنتاج شركة أوراسكوم من الإسمنت، حتى تمكن من بيعها فى عام 2007 إلى شركة فراج الفرنسية، وحصل على 6 مليارات يورو نقدًا، كما حصل على ما يعادل 2 مليار يورو على شكل أسهم داخل الشركة.