حكاية قرية في عمق الصحراء لم يصل إليها كورونا وبلا كهرباء أو ماء (صور)

في صحراء العراق الغربية الشاسعة، تعيش حوالي 200 أسرة فى قرية صغيرة معزولة إلى حد كبير عن بقية العالم، وجارتها الوحيدة إحدى أكبر القواعد العسكرية فى البلاد قاعدة "عين الأسد"، واللافت أنه لم يصلها فيروس كورونا ولا لقاحاته.
وبحسب تقرير نشرته شبكة "france24" الفرنسية، قال أبو ماجد أحد شيوخ قرية السهل، "نعيش حياة بسيطة وبدائية".
وأضاف الرجل فى السبعينيات من عمره الذي كان يرتدي عباءة تقليدية ووشاح كوفية باللونين الأحمر والأبيض: "قريتنا عمرها أكثر من مائة عام وما زالت بلا كهرباء ولا مركز طبي".
يذكر أن القرية تقع فى التلال الصخرية وتحيط بها بساتين النخيل المتواضعة، على بعد حوالي 250 كيلومترًا شمال غرب العاصمة بغداد.
ووفقًا للتقرير، فإن أقرب مستشفى يبعد أكثر من نصف ساعة بالسيارة على طول طريق وعر، والمرفق التعليمي الوحيد هو مدرسة ابتدائية، فضلًا عن أن الاعتماد الأساسي للسكان للبقاء على قيد الحياة هو الماشية والزراعة.
ومن ضمن الأمور التى يعاني منها سكان القرية، أنهم يستخدمون الهواتف المحمولة القديمة بدلًا من الهواتف الذكية من أجل التواصل مع العالم الخارجي، حيث لا تصل شبكة الجيل الثالث إلى هناك.
ويشار إلى أن العراق هو ثاني أكبر منتج فى منظمة أوبك للنفط، ومع ذلك، فقد عانت البلاد من عقود من الحرب والفساد المستشري، وابتليت بالبنية التحتية المتهالكة والخدمات العامة المتدهورة، حيث يعيش نحو ثلث سكان العراق البالغ عددهم 40 مليون نسمة فى فقر، وفقًا للأمم المتحدة، حيث أدى وباء فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط الخام العام الماضي إلى تفاقم الوضع.
كيف يعيش سكان القرية
فى قرية السهل، توجد منازل متفرقة وصغيرة شبه بلا نوافذ لها أبواب حديدية محاطة بجدرانها، تتخللها أحيانًا سيارة قديمة واَليات زراعية أكل عليها الدهر وشرب أو ماشية داخل حظائر صغيرة محاطة بأسوار معدنية، ومشاهد أطلال حجارة غير الزمن لونها.
وللتزود بالمياه، تقوم المضخات بسحب المياه المالحة من الآبار، وقال السكان، إنهم استخدموا المياه غير المفلترة للشرب والغسيل ولحيواناتهم، بينما قال أبو ماجد، إن مياه الأمطار كانت تستخدم فى الزراعة.
اقرأ أيضًا: يسبح في الهواء.. قصة ”مبنى الأسماك” بالهند
حافظت القرية على ثقافة منعزلة وتقاليد محافظة
على الرغم من الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي الذي يؤرق العراقيين فى أجزاء أخرى من البلاد، يُنظر إلى شبكة الكهرباء الوطنية المتداعية على أنها رفاهية بعيدة المنال فى القرية، وبدلاً من ذلك، "يعتمد السكان على مولدات الكهرباء المتهالكة للحصول على بضع ساعات من الطاقة فى اليوم"، واشتكت أم ماجد وهى تتحدث من وراء الباب، من قلة الخدمات الطبية والكهرباء، لافتًة إلى أنه من حق أطفالنا مشاهدة التلفزيون لمدة ساعة أو ساعتين بين الحين والآخر باستخدام هذه المولدات للإنارة وتشغيل التلفزيون ويكون لساعات قليلة فقط".
قاعدة عين الأسد
ويشير التقرير إلى أن "القرية تقع على بعد حوالي 10 كيلومترات فقط من قاعدة عين الأسد الجوية"، وهي واحدة من أكبر القواعد الجوية فى البلاد، والتى تستضيف قوات أميركية وتتعرض بانتظام لنيران الصواريخ"، وعلى الرغم من ذلك لا توجد أي صلات لللقرية بالقاعدة، على الرغم من أن قربها قد يمثل تحديات لسكانها، وقال مهدي، أحد الرعاة: "ذات مرة، قتلت النيران اثنين من أغنامي، حيث كانوا يرعون بالقرب من تدريبات بالذخيرة الحية فى القاعدة".
وأضاف الرجل، البالغ من العمر حوالي 20 عامًا، "إن الأمر يتعلق بالماشية أو الزراعة، فلا يوجد شيء آخر نفعله لكسب لقمة العيش".
لم يطعيم أحد
اشتكى محمد مهدي، البالغ من العمر 17 عامًا، والذي يرتدي ملابس ثقيلة على الرغم من أن درجة الحرارة تقارب حوالي 40 درجة مئوية: "لدينا فقط مدرسة ابتدائية".
وأضاف، أنه أوقف تعليمه بعد التحاقه بالمدرسة لمساعدة والديه فى مزرعتهما، حيث تكفي ستة فصول دراسية متداعية بالكاد لأطفال القرية.
كما أعرب أبو ماجد عن أسفه لقلة الرعاية الصحية، وأشار إلى أن مريضا توفي فى طريقه إلى المستشفى فى أغسطس الماضي.
وقال أبو ماجد بحزن: "ليس من السهل أخذهم "للمساعدة الطبية"، خاصة فى الليل، وإذا مرض شخص ما، يموت".
وأشار إلى أنه يجب اصطحاب النساء الحوامل من القرية إلى المدينة قبل عدة أيام من موعد استحقاقهن.
واختتم أبو ماجد: "إن فيروس كورونا لم يصل إلى قريتنا.. حيث لم يتم تطعيم أحد".