أمازون .. الاختبار الصعب للسوق المصري

ما زال مؤسس موقع أمازون "جيف بيزوس" يحرك المياه الراكدة في كل موطىء تطأوه أفكاره، بدأ فى أمريكا ثم أوروبا ووصل الشرق وأغرته أفريقيا وانتهى فى الفضاء ومازال يتوسع بنهم، عابوا عليه احتكاره للأسواق التي يدخلها والأجور البخسة التى يدفعها، أشادوا بدوره فى خفض معدلات البطالة وخلق فرص للمنتجين الجدد وإفساحه المجال للأفكار المغامرة.
موقع "الطريق" يرصد رحلته، وأفكاره وأساليبه، وأخيرًا اختياره لدخول السوق المصري.
بداية رحلة أمازون.
بدأ جيف بيزوس فى عام 1994 العمل على تنفيذ فكرته فى بيع الكتب عبر شبكة الأنتر نت لم يقتنع بأفكاره وقتها سوى القليل، لم يزد عدد المستثمرين عن 60 شخصًا حاول "بيزوس " التفاوض معهم فى وادي السليكون لإقناعهم بستثمار مليون دولار لم يملك هو منهم سوى 100ألف دولار تحصلهم من والديه، وصف مؤسس أمازون هذه الخطوة بقوله "صعوبتها تخطت توقعاتي "، بعد وقت قصير استطاع "جيف بيزوس" جمع المبلغ المحدد للبدء، وبعد عام من الانطلاق كان المستثمرون يصطفون أمام بوابة "أمازون " راغبون فى استثمار أكثر من 8 مليون دولار على رأسهم شركة (كلاينر بيركيز كوفيلد أند بايرز ) ذات الأسهم الماسية، وفى وسط هذا التقدم واجه "بيزوس" الكثير من المشاكل حتى قال حينها "مرت علي أوقات كان يمكن أن تتلاشى فيها الشركة حتى قبل أن تبدأ" لكن عقلية الحل وقدرته على تجاوز المشكلات بحلول مبتكرة هو كان يميز بيزوس عن كثير من رواد الأعمال.
أفكار وأساليب بيزوس وفريقه
فى مبنى "DAY ONE" في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث إدارة أمازون وضع بيزوس أفكاره على الطاولة وفندها هو ورفاقه، خلُصوا إلى إعادة استثمار كامل العوائد والأرباح رغبة قى التوسع وسعيًا لزيادة منتجاتهم الخاصة مثل " كابلات USB " تحت العلامة التجارية Amazon Basics و"أمازون كيندل" و"أمازون إس 3" و"أمازون برايم" ومنتجات إليكترونية عديدة، وخلال سنوات حققوا من وراء سياسة "استثمار العوائد" توسُعات ضخمة وعوائد تم ضخها مرات عدة فاحتلوا صدارة المشهد المالي وتخطوا فى سنوات العملاق الأمريكي ِ"APPLE".
سعى "بيزوس" وفريقه، أن يكون العميل والخدمات المقدمة له على رأس أولويات العمل فكانت سرعة الشحن الفائقة وامتياز الجودة وسياسة الاسترجاع الفعالة سبيل الشركة لجعل عملية الشراء أيسر وأأمن فتكسب بذلك الشركة عميل دائم.
اتبعت أمازون سياسة " الإندماج والاستحواذ" لدخول الأسواق بشكل سريع فهي توفر قائمة عملاء قائمة بالفعل وموظفين خبراء فى السوق تعمل على تطويرأدائهم ببرامج تدريب مكثفة وبذلك توفر أمازون أموالًا طائلة ووقت كبير فى الإنشاء ومن ثم تحقيق عوائد بشكل أسرع، كان آخر هذه الاستحواذات هو ضم موقع "سوق.كوم" لإمبراطورية أمازون العام 2017، في صفقة قدرت حينها بأكثر من 650 مليون دولار.
قدرة "أمازون" على جمع وتحليل البيانات فاقت جميع منافسيها، حتى أنها أصبحت قادرة على توقع المنتجات التي سيطلبها العميل خلال فترة قادمة من خلال تحليل بياناته الشخصية، وروجت شركة أمازون أنها فى المستقبل القريب سوف تستخدم طائرة "الدرونز" لتوصيل طلبات العملاء خلال ثوان معدودة.
أمازون أخطبوط يُحسن التموضع
في أولى خطواتها لدخول السوق العربي ولت أمازون وجهها شطر الإمارات فاستحواذت على موقع "سوق.كوم" عام 2017 بصفقة تجاوزت حينها 650 مليون دولار فرسخت قدمها فى الشرق واستوعبت عقلية المستهلك العربي، ثم خطت خطواتها التالية نحو المملكة العربية السعودية فحققت نجاحات لافتة هناك ثم اختارت مصر لتكون انطلاقتها نحو إفريقيا وسوقها الرحيب.
الأربعاء 1 سبتمبر 2021 تحولت واجهة موقع "سوق.كوم" إلى "Amazon.eg"، وذلك إتمامًا لصفقة استحواذ أمازون على "سوق.كوم"، منذ تلك اللحظة بدأ العمل الفعلي لأمازون على ضفاف النيل.
تستهدف "أمازون مصر" ضخ أكثر من مليار جنيه فى السوق المحلي، وتسعى لإتاحة 3000 فرصة عمل فى كافة التخصصات وقد أقامت أمازون العديد من نقاط التوصيل على مستوى الجمهورية وأعادت هيكلة عدة مخازن على مساحات شاسعة لتناسب إسلوب عملها وسرعة تلبية أوامر التشغيل الضخمة التي تستقبلها بشكل يومي.
على صعيد التصنيع المحلي؛ أعلنت داليا سيف النصر، مدير السياسات العامة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا لشركة أمازون، في وقتٍ سابق، أن الشركة تستهدف بدء تصنيع منتجاتها بالسوق المصري باعتباره حلقة الوصل الرئيسة مع الأسواق الإفريقية وأهم محور صناعي استراتيجي بالشرق الأوسط، وتعتبر هذه الخطوة حال اتمامها نقلة نوعية للاقتصاد المصري والتجارة الإليكترونية العربية والإفريقية بشكلٍ عام.
مع دخول أمازون السوق المصري أصبحت المنافسة أمر صعب ومعقد بالنسبة لشركات مثل "جوميا" و"نون"، وغيرهم من شركات التجارة الإليكترونية الصغيرة، فالتنافس مع شركة حجم أعمالها 100 ضعف حجم أعمال منافسيها أمر شبه محسوم إما بالاستحواذ أو الإغلاق لتفادي خسائر فادحة، جديرٌ بالذكر أن جوانب العمل الأخرى تتفوق فيها أمازون من حيث الدقة وتحمل الأعباء المالية وسياسات الاسترجاع وسرعة الشحن قد تخطت فيهم أمازون منافسيها بمراحل.
انتقادات وجدال
واجهت "أمازون"، العديد من الاتهامات التي شملت الممارسات الاحتكارية، وعدم الاهتمام بظروف العمل وانخفاض الأجور، واعتراضها الدائم على تشكيل نقابات عمالية سعى موظفيها إلى إنشائها، كما اتهمت بممارسة ضغوطات مستمرة على مورديها لخفض عوائدهم بهدف الحفاظ على أرباحها أو زيادتها، كما أن قياسات التأثير البيئي أثبتت أن الشركة تسببت فى تأثيرات سلبية كبيرة على بيئة، واتهمت بجمع البيانات الشخصية بطرق غير قانونية.
أقرأ أيضًا : الخارجية: مصر تعلن تضامنها مع العراق بعد الهجوم الإرهابي على ”كركوك”