مقال| الكتب الصوتية.. لماذا؟ وأفضل النصائح للتعامل معها
تطاردنا دائمًا لعنة عدم القدرة على الإنجاز أو هكذا نشعر بسبب متطلبات الحياة المتمددة. تلك اللعنة التي تجعل أعمارنا المحدودة أكثر محدودية، لذلك لا نجد وقتًا لهواية أو لتطوير موهبة. لم أقتنع أبدًّا بوصف القراءة بهواية لأنها ضرورة وأمر من الله عز وجل، ولكنا لا نكاد نجد وقتًا لها!
تبهرنا الحياة المتطورة بقدرتها على تطوير حلول وابتكار طرق لمواجهة المتطلبات ولحل المشكلات وتوفير الوقت والجهد، والكتب الصوتية أحد هذه التطورات. رغم انتشار الكتب الصوتية في الفترة الأخيرة، فإنها واجهت رفض أو عدم استحسان من بعض القراء نتيجة فقدناهم متعة الإمساك بكتاب وفقدان شعور الارتباط بملمس الورق ورائحته.
تجربتي الشخصية
خضت تجربة الكتب الصوتية منذ أكثر من ثلاث سنوات ووجدتها تجرب نافعة جدًّا خصوصًا في الأوقات المزدحمة. هناك ساعات طويلة -محصلتها سنوات من كامل العمر- تضيع في المواصلات يمكن استغلالها في الاستماع لكتاب خصوصًا إن كنت تقود السيارة ولا فرصة أخرى لاستغلال هذا الوقت. حاليًا، الكتب الصوتية المتاحة تغطي مجالات وأنواعًا وألوانًا مختلفة تناسب مدى واسعًا من الذوق مع تزايد كبير في إنتاج مزيد منها.
في بداية التجربة، كنت أستمع إلى الكتب الصوتية في أثناء قيادتي السيارة، ولن أدّعي أن هذا الأمر كان مستمرًا في كل مرة، ولكنه ساعدني على استغلال بعض الوقت في الأوقات التي كان فيها ذهني مستعدًا للاستماع لكتاب وتقبله. بمرور الوقت أصبح الكتاب الصوتي جزءًا من يومي حتى لو لدقائق وساعدني ذلك على الانتقال من الاشتراك الشهري لأحد التطبيقات إلى الاشتراك السنوي بعد أن تأكدت من مواظبتي على هذا الأمر، واستمعت إلى عشرات الأعمال المتاحة على تطبيقات الكتب الصوتية.
تضاعفت أهمية الكتاب الصوتي بالنسبة لي في العام الماضي إذ كنت مشغولًا جدًّا بامتحانات درجة الدكتوراه ولم يكن لدي أي وقت للإمساك بكتاب، وعليه استغللت الوقت الضائع في الطريق من القاهرة حيث أسكن إلى المنصورة حيث أدرس والعكس في الاستماع لعدد لا بأس به من أعمال نجيب محفوظ وكتاب آخرين، بالإضافة إلى عدد من الأعمال غير الروائية.
لمواجهة التشتت: اسمع وأنت تقرأ!
كشخص مشتت متعدد الاهتمامات، أحيانًا كنت أفقد تركيزي في أثناء قرائتي كتابًا ورقيًا أو إلكترونيًا. وعليه، جربت الاستماع للنسخة الصوتية من الكتاب في أثناء قراءته. كانت هذه الطريقة فعالة جدًّا بالنسبة لي إذ تضاعف تركيزي بعد أن تضاعفت حواسي التي تتلقى الكلمات. أيضًا تضع هذه الطريقة حدًا زمنيًا للانتهاء من الكتاب ألا وهو مدة نسخته الصوتية.
التطبيقات العربية المتاحة
هناك حاليًا عدد متزايد من التطبيقات الخاصة بالكتب الصوتية، ليست مجانية بالطبع، فالكتب التي تروى ذات حقوق للناشر والمؤلف ولا بد للتطبيق أن يتعاقد على تحويل العمل لمسموع وإلا يقاضى أصحاب التطبيق بتهمة انتهاك حقوق الملكية الفكرية، بالإضافة لجهد الرواة وفريق الإنتاج كاملًا. هناك العديد من التطبيقات ولكني سوف ألقي الضوء على تطبيقين جربتهم بنفسي؛ أولًا تطبيق «اقرأ لي» ويضم عدد كبير من الكتب لكتاب مصريين بالإضافة لعدد من الكتب المترجمة وملخصات الكتب، ثانيًا تطبيق «كتاب صوتي» ويحتوي على كتب لكتاب عرب وكتب مترجمة وملخصات والميزة الكبرى أنه يحتوي على عدد ضخم ومتنوع من الأعمال بالمقارنة بأي تطبيق آخر.
روايات أحمد مراد والمؤثرات الصوتية
تتفق أو تختلف مع «أحمد مراد» إلا أنه بارع جدًّا في الوصف وتكوين مشاهد كاملة من لحم ودم وصوت ورائحة أيضًا في رواياته، وعليه أظن أنه رواياته المستفيد الأكبر من تنفيذها في نسخة صوتية.
بدأت رواياته بشكل بسيط من خلال راو واحد بارع في التلون طبقًا للشخصية يتحدث باسمها، وتطور الأمر لشيمل راو رئيسي ورواة مساعدين في أدوار الشخصيات الأخرى وكأنه عمل تمثيلي. كانت رواية «أرض الإله» نقطة الانطلاق نحو منتج مختلف من خلال إدخال المؤثرات الصوتية والموسيقى للرواية وذلك أضاف إليها الكثير من التفاصيل، ثم رواية «موسم صيد الغزلان» التي تعتبر أفضل إنتاج لكتاب صوتي سمعته على الإطلاق، وأخيرًا رواية «لوكاندة بير الوطاويط» والتي أنتجت بنفس الشكل.
أيضًا هناك العديد من الأعمال الروائية التي تتباين في انتاجها من خلال إضافة موسيقى مميزة للعمل. على سبيل المثال أحببت جدًّا إضافة موسيقى مسلسل «خالتي صفية والدير» على النسخة الصوتية من الرواية المبني عليه المسلسل بنفس الاسم للكتاب الكبير «بهاء طاهر».
الكتاب الورقي والكتاب الصوتي
لا يمكن أبدًا الاستغناء على الكتاب الورقة ومتعة اقتناؤه وقراءته، ولكن الكتاب الصوتي يمكن أن يحل مشكلة الوقت غير المستغل، وأجد أن العديد من النسخ الصوتية للأعمال الروائية متعة منفردة لديها العديد من عناصر الجذب.
