”الرجال قوامون على النساء”.. تفسير الإمام الطبري لعلاقة الأزواج

في قول الله تعالى"الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا"، درس وعظة من سورة النساء لتوضيح جانب من العلاقة بين الزوجين وبما فضل الله الرجال فيها على النساء.
وعن تأويل قوله تعالى "الرجال قوامون على النساء"، فقد فسر الإمام الطبري أنه يعني بقوله أن الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والأخذ على أيديهن، فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم، وفي "بما فضل الله بعضهم على بعض"، تعني بما بفضل الله عز وجل الرجال على أزواجهم من سوقهم إليهن مهورهن والإنفاقهم عليهن أموالهم وتوفير المأمن لهم، لذلك صار الرجال قوامين على النساء.
وروى أحد الصحابة أن رجلا لطم إمرأته، فجاءت إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فأراد أن يقصها منه، فأنزل الله هذه الآية، وحينها دعاه النبي عليه الصلاة والسلام، فتلاها عليه وقال " أردت أمرا وأراد الله غيره".
اقرأ أيضًا: ”لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا”.. تفسير الإمام ابن كثير وحكاية الصحابي أبو طلحة
وعن قول الله عز وجل "وبما أنفقوا من أموالهم"، والتي تعني وبما ساقوا إليهن من صداق وأنفقوا عليهن من نفقة، و"فالصالحات"، وهم المستقيمات العاملات بدين الله وبالخير، و"قانتات" يعني المطيعات لله ولأزواجهن.
وعن تأويل " حافظات للغيب"، أوضح الإمام الطبري، أنهم الحافظات لفروجيهن ولأنفسهن ولأموال أزواجهن عند غيبتهم عنهن، وللواجب عليهن من حق الله في ذلك وغيره، وعن " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن وأهجروهن في المضاجع وأضربهن"، أي أنه إذا رأيتم من نساءكم ما تخافون أن ينشزن عليكم من نظر إلى ما لا ينبغي لهن أن ينظرن إليه، واستربتم بأمرهن، وفعظوهن واهجروهن ولا يجامعهن، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "اضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح".
وفي قول الله عز وجل "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا"، تعني إنه في حالة الرجوع النساء إلى طاعة أزواجهن، فإنهم قد استجابوا لأمر الله، وحينها لا يجب المساس بمكروهن لهن، ولا يلتمس الرجال سبيلا إلى ما لا أحل الله لهم في جسد نساءهم إن الله ذو علو على كل شيء.