”اسألوا أهل الحاجة”.. أصحاب موائد الرحمن يرفعون شعار ”فطارك هيجيلك ساخن لحد باب بيتك”

طاولات طولية، تراص الناس على جانبيها يمينا ويسارا، أمامهم عدة أصناف من الطعام، لحوم، حلويات، وسلطة، بجانب كل الطعام أكواب بلاستيكية بيضاء اللون، بها أما مياه أو عصائر، في منتصف كل طاولة أطباق من التمر، يأخذ المتواجدين تمرة في إحدى أيديهم، وكوب عصير أو ماء، ينتظروا لحظة إطلاق المدفع، ليعلو صوت الأذان معلنا عن لحظة شق الريق، لحظة زوال العطش، والشعور بالارتواء"، مشهد من إحدى موائد الرحمن المقامة في شهر رمضان الكريم، لتجميع المحتاجين وتوفير الإفطار لهم مجانا.
مشهد لن يتكرر هذا العام في الشهر الكريم، عادة اختفت في زمن الكورزنا، لمنع انتشاره بين رواد الموائد، ما يتسبب في زيادة أعداد المصابين بشكل هستيري، نظرا لتردد المئات عليها يوميا، لكن فكر أصحاب الموائد في إيصال الطعام للمحتاجين، وقرروا أن يهزموا الفيروس بطريقتهم.
الطعام ساخن حتى منزلك
ففي قرية دمنكة، بمركز دسوق، التابع لمحافظة كفر الشيخ ظل فتحي المزين، يفكر طويلا في أمر منع موائد الرحمن، لطالما ورثها أب عن جد، وظل يقيمها لأهالي قريته وفي بلاد الصعيد الأكثر احتياجا، الحزن يخيم على وجهه، فكيف سيقطع عادة عمره، من سيتولى أمر المحتاجين، ألا يوجد طريقة أخرى لعمل المائدة، يمكنهم الالتزام بالتعليمات الوقائية من حبث لمساحة، لكن لن يستطيعوا إطعام العدد المنشود يوميا.
بادر بذهنه فكرة وجدها رائعة، فقد قرر أن يطهو الطعام مثل كل عام، يوصله للمنازل في علب وأكياس، قبل الأذان، أبلغ شركاءه في مبادرة الخير ووافقوا على الفور، ليبدأوا في شراء العلب البلاستيكية والأكياس للطعام، والقفازات والكمامات للمتطوعين من الشباب لطهي الطعام وتوصيله للمنازل.
التزاما بالإجراءات الوقائية وعملا بمبدأ لا ضرر ولا ضرار، يرتدي العاملين في مكان طهي الطعام الكمامات والقفازات، يغسلوا الخضار بالخل والمياه جيدا، لا يزيل أي منهم الكمامات أثناء فترة عمله، وياتس دور الفريق الآخر في تعقيم الأكياس التي سيوضع بها للطعام والعلب البلاستيكية، بدأ "المزين" حصر أعداد المحتاجين وأماكن تواجدهم ليصل إليهم، تحت اسم "حلقة وصل".
اقرأ أيضا: الأغلبية لن يصوموا.. تعرف على الفئة المستثناة من إفطار مصابي فيروس كورونا
يبدأ "المزين" في التحضير لوجبات الإفطار قبل رمضان بعام كامل، حيث يعلن عن فتح باب التبرعات لموائد الرحمن بمجرد انتهاء العيد، على أن يكون ثمن الوجبة 35 جنيها، في كل محافظة 2000 وجبة يوميا، يمكن لشخص واحد تحملها أو المشاركة بما يقدر عليه، والشباب يشاركون في إعداد الوجبات وتوزيعها مجانا انطلاقا من مبدأ الخير.