أول عملة ورقية بالشرق الأوسط واستخدم فى فتح المقابر الملكية.. جنيه الجملين بين الحقيقة والأسطورة

تاجر عملات قديمة: «الزباين مستعدين يدفعوا ملايين مقابل جنيه واحد»
راصد المقابر الفرعونية يطارد مدنسيها ويقضى عليهم واحدًا تلو الآخر
أمين متحف سك العملات: «كل ما هو نادر ثمين والجنيه مطلوب بسبب العلامة المائية»
زاهى حواس: «مقبرة توت عنخ آمون هى بداية لعنة الفراعنة»
ظاهرة بيع العملات الورقية والمعدنية القديمة، انتشرت فى مصر خلال الفترة الماضية، لندرتها وهوس بعض الأشخاص بها، وقد يدفعون مقابل تلك العملات آلاف الجنيهات، لكن هناك أغراضا غير شرعية لا يعرفها إلا المهتمون بهذا المجال.
والعملات هى الشىء الوحيد الذى كلما مر عليه وقت ازدادت قيمته، لكن هل تتخيل أن يتم شراء جنيه ورقى بمبلغ مليون جنيه؟.
تجار العملات القديمة
عم رضا بائع عملات فى ميدان رمسيس، قال إن «الزباين مستعدين يدفعوا آلاف مقابل العملات القديمة، خاصة الجنيه أبوجملين»، ولما سألناهم قالوا «الشيوخ بيطلبوه علشان رصد المقابر الفرعونية، بيستخدموه لتسليط الأقوى من الرصد عليه وإبطال مفعوله على المكان».
وأضاف أنه لا يصدق فى تلك الخرافات، لأن السبب الأساسى لشرائه هو احتواؤه على زئبق أحمر، وربط الناس بينه وبين الزئبق للونه الأحمر الغالب عليه، وذلك الزئبق موجود فى المقابر الفرعونية، وبالفعل يباع الجرام منه بمليون جنيه تقريباً.
تاجر عملة قديمة بوسط البلد ورث المهنة عن والده، يؤكد على أن الناس يتهافتون على شراء الجنيه، ومقتنوه يعدون من أغنياء البلد، فقد يباع بالدولار، كما أن البائع الحامل له يكسب الكثير من ورائه.
«الجنيه مطلوب ومش لاقينه»، هكذا بدأ أحمد رضا القادم من المنيا بجلباب، طالباً الجنيه أبوجملين، قال إن الشيخ المسؤول عن استخراج المقابر الموجودة فى قريته طلب منه إحضاره، كما أنه مستعد لدفع أى مبلغ لقاء الحصول عليه.
وأحياناً يحتاجه الدجالون فى أعمال السحر والشعوذة، لتحضير الجان، وتكثر فى الأرياف لاعتقادهم فى التحضيرات، والجنيه فيه زئبق أحمر، وهى المادة المستخدمة مع البخور للتحضير.
فاتح مقابر
وليد محمد، من المنيا، يعمل فى إحدى الشركات الخاصة، لكن له عمل آخر يعرفه المقربون منه، وهو «روحانى»، متخصص فى فتح المقابر، موضحا أن لكل مقبرة راصدا، سُخر لها حتى تصحو المومياء مرة أخرى، وهنا تنتهى مهمته.
وأوضح «محمد» شخصية الراصد قائلًا: «هو حارس المقبرة، وحاميها، يسخر للمقابر الملكية، أو لمن له صلة وثيقة بالقصر الملكى، من كتاب وكهنة، وأصحاب المال والجاه، وهو أقوى أنواع الجان، يحضره ساحر الملك أو الكاهن، عن طريق بعض المراسم».
وبمجرد فتح المقبرة، يطارد الراصد كل من شارك فى تدنيس قبر وديعته، ويقتلهم واحدا تلو الآخر، لكن السبيل الوحيد لإيقافه هو القضاء عليه، وذلك عن طريق الزئبق الأحمر، الموجود فى بعض المقابر، لذا يبحثون جاهدين عنه فى كل مكان، وجنيه الجملين به زئبق أحمر لذا يكثر البحث عنه، وشراؤه بمبالغ قد تصل لملايين، حسب لقائه.
لعنة الفراعنة
قال عالم الآثار زاهى حواس، إن مصطلح لعنة الفراعنة ما هو إلا أكذوبة، اخترعها الجاهلون وصدقها الشعب لكثرة ترديدها، حتى ان الناس فى البيوت قد يطلقون لفظ لعنة الفراعنة على شكل مزحة، وفى علم النفس حتى الأكذوبة التى تتردد كثيرًا تصبح حقيقة لا جدال فيها.
وأضاف حواس أن لعنة الفراعنة عرفت عند اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، فبعد فتحها بفترة، توفى 13 شخصا كان لهم صلة مباشرة بعملية الفتح، فبدأ الموت فى حصد الأرواح، باللورد كارنافون، ممول عملية الاكتشاف، الذي توفى بعدها بأيام قليلة بسبب ارتفاع درجة حرارته لأكثر من 42 درجة، وآخر كلامه كان «إننى أشعر بالجحيم».
وأضاف حواس أن النقوش الموجودة على حوائط المقبرة نقوش ترجمتها كانت كالتالى: «سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك»، كما عرف عن المصريين القدماء إجادتهم لجميع فنون السحر والشعوذة، خاصة السحر الأسود، لذا ربط الكل ما حدث من وفاة المستكشفين والكلمات التى تم نقشها.
ونفى عالم الآثار، وجود ما يعرف بالزئبق الأحمر الذى يعمل على تسخير الجن، لذا يعتبر أحد أهم أسباب محاولة اللصوص لسرقة المتاحف، ولكن كل ما يشاع عنها كذب لا حقيقة له.
الفيروسات السبب
قال الدكتور محمد حمدى، متخصص فى الفيروسات، إن علم الميكروبيولوجى أثبت وجود أحياء دقيقة لا ترى بالعين المجردة داخل تلك المقابر، وتنتقل بمجرد فتحها للموجودين فيها، لذا فلعنة الفراعنة موجودة بالفعل، لكنها لعنة علمية، ومدروسة.
فقد قصدوا وضع بعض الجمل التى تخيف اللصوص وغيرهم ممن يحاولون تدنيس حرمة قبور الملوك باعتبارهم آلهة وأولاد آلهتهم القديمة، لذا قرروا إطلاق الفيروسات بين ثنايا الجثمان، لتصيب كل من يحاول فتح المقابر بأمراض صدرية قد تؤدى للموت.
تاريخ الجنيه
قال صلاح الباشا، أمين متحف سك العملات، إن جنيه الجملين هو أول عملة ورقية فى مصر، صدر فى شهر يناير، عام 1899، بفرمان من الخديو عباس حلمى الثانى، بإصدار عملة فى شكل سند ورقى.
وكان أول عملة ورقية فى مصر والشرق الأوسط، واختيرت صورة الجملين لتعبر عن طبيعة مصر فى ذلك الوقت، وكتب عليه «أتعهد بأن أدفع عند الطلب مبلغ جنيه واحد مصرى لحامل هذا السند»، مصحوبة بعبارة «أصدر بمقتضى المرسوم العالى»، وتجد على جانبى الجنيه من الأعلى رقم «1» وتحته صور لملوك من الفراعنة، تعبر عن مصر وتاريخها الطويل.
وتم إصدار أول جنيه ورقى مصرى، بديلاً عن القرش، فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى بموجب فرمان، وكان ذا لون أحمر، عليه صورة لجملين، أحدهما واقف والآخر نائم، وفى تفاصيل الجنيه، تجد أعلاه شعار البنك الأهلى المصرى، وكثرت الإشاعات حول استخداماته، التى تعددت ما بين تحضير جان، واستخراج المقابر الفرعونية، من المنازل، وفى أماكن بيع العملات القديمة، يأتى السائلون يوميًا للحصول على الجنيه.
وأكد أمين متحف سك العملات، على أن الجنيه لم يوضع به زئبق أحمر، لأنها مادة لا وجود لها، كما أنه لم يطبع عليه أى صور للجان، أو تساعد على تحضيره، لكن يوجد به علامة مائية تميزه، كما أنه مر على وقت طبعه مدة كبيرة وكل ما هو قديم نادر.