الطريق
الخميس 9 مايو 2024 08:49 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

غزة تحترق.. وبريطانيا تتذاكى

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بقلم الكاتب الصحف: عبد الله عبد السلام

بينما الفلسطينيون يتساقطون، وإسرائيل تستعد لمجازر مُرَوِّعَة فِي رفح، والمستوطنات تعود لتغزو الضفة من جديد، نصب البرلمان البريطاني Parliament of England قبل أيام سيركًا ظاهره السَّعْي لوقف القتل الإسرائيلي، وباطنه استغلال العدوان لتحقيق مكاسب سياسية داخلية ودغدغة مشاعر الناخبين للفوز بمقعد نيابي.

بدأ السيرك باقتراح قَدَّمَه الحزب القومي الإسكتلندي المُدَافِع عن القضية الفلسطينية، يطالب فيه بوقف فوري لإطلاق النار، وإنهاء العقاب الجماعي collective punishment ضد الشعب الفلسطيني، إلَّا أن حزب العمال المعارض والمرشح للفوز بالانتخابات البرلمانية المقبلة خلال شهور، دَعَا إلى تعديل المقترح ليكون وقْفًا فوريًّا إنسانيًّا لإطلاق النار وعملية دبلوماسية لتحقيق حل الدولتين. تعديل العمال يهدِف إلى ركوب الموجة وإنقاذ زعيمه كير ستارمر Keir Starmer الذي يواجه تَمَرُّدًا كبيرًا احتجاجًا على مواقفه المؤيدة لإسرائيل، ورفضه طويلًا الدعوة لوقف القتال، فأراد استمالة الأصوات المسلمة والمؤيدة للفلسطينيين بادعاء أنه مَعْنِي بوقف إزهاق أرواح الفلسطينيين. حكومة المحافظين تَقَدَّمَت أيضًا بتعديل يطالب بهدنة إنسانية فَوْرِيَّة.

خلال المناقشات، دخل النواب فِي جدل ببيزنطي Byzantine controversy بشأن من المُخْطِئ، ومن بدأ الحرب؟ ثم زادت الخلافات لهيبًا مع انحياز رئيس مجلس العموم لمقترح العُمَّال، فَتَحَوَّلَ النقاش من إنقاذ غزة إلى إنقاذ رئيس المجلس الذي طالب نواب كثيرون باستقالته! للأسف، حاول العمال والمحافظون استغلال ما يجرى فِي غزة لصالحهم، وتفريغ اقتراح الحزب الإسكتلندي من مضمونه، والإيحاء للرأي العام أنهم يبذلون ما بوسعهم لإنهاء القتال، رغم أن المسألة لم تكن تحتاج هذه المتاهة This maze لو كان المقترح بسيطًا ومباشرًا: إنهاء القتال فورا cease fire immediately. لكنها السياسة والسياسيون الذين لا يكتفون بالاستفادة من القتيل slain بل حتى سلخ جلده!

ثم ما هي أهمية بريطانيا هذه الأيام حتى يعتقد برلمانها أنه بتمريره لمقترح بوقف النار، فإن إسرائيل ستنصاع compliance؟ دور لندن تراجع منذ عقود وجاء خروجها من الاتحاد الأوروبي ليكشف مدى ضآلة مكانتها، كما أن دخولها فِي ركود اقتصادي، يجعلها لا حول لها ولا قوة .. قارن بين جنوب إفريقيا التي لم تدخر وسعًا لمواجهة الإجرام الإسرائيلي، وبين بريطانيا التي تتذاكى looks like smart وتتحايل وتناور، وفِي النهاية لا تفعل شيئًا؟