الطريق
الخميس 9 مايو 2024 09:30 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

اصحى يا نايم وحد الدايم.. المسحراتي إيقاعات رمضانية خالدة

"اصحى يا نائم وحد الدايم وقول نويت بكره إن حييت... الشهر صايم والفجر قائم... اصحى يا نائم وحد الرزاق... رمضان كريم"

مَن منا لا يذكر لحن "اصحى يا نايم"؟، منذ فجر التاريخ الإسلامي، ارتبط شهر رمضان الكريم بتقاليد عريقة ما زالت حاضرة حتى اليوم.

ومن أبرز تلك التقاليد، شخصية المسحراتي، ذلك الرجل الذي يجوب الشوارع ليلا، ينادي بأعلى صوته "اصحى يا نايم وحد الدايم" إيذانا ببدء وقت السحور، ولكن من أين نشأت هذه العادة؟، وكيف تطورت عبر الزمن؟، وما هو دور المسحراتي في إضفاء أجواء مميزة على شهر رمضان؟

في هذا التقرير، سنغوص في رحلة عبر التاريخ.

أصل المسحراتي

كلمة "مسحراتي" مشتقة من كلمة "سحور"، وظيفة المسحراتي هي تنبيه المسلمين ببدء موعد السحور، وبدء الاستعداد للصيام.

وتبدأ مهمة المسحراتي قبل صلاة الفجر بوقت كاف، يحمل في يده طبلة وعصا، ينقر عليها صائحا بصوت مرتفع "أضحى يا نائم أضحى وحد الدايم".

تاريخ المسحراتي

بدأت تلك الوظيفة مع بدء التاريخ الإسلامي، كان بلال بن رباح، أول مؤذن في الإسلام، اعتاد أن يخرج قبل صلاة الفجر بصحبة ابن أم كلثوم، ويقومان بمهمة إيقاظ الناس.

قصة المسحراتي في مصر بدأت منذ ما يقرب من 12 قرنا مضى، وتحديدا عام 853 ميلادية، كان والي مصر العباسي، إسحاق بن عقبة، أول من طاف شوارع القاهرة، ليلا في رمضان لإيقاظ أهلها لتناول طعام السحور.

في عصر الدولة الفاطمية، أمر الحاكم بأمر الله، الناس أن يناموا مبكرا بعد صلاة التراويح، وكان الجنود يمرون على المنازل ويدقون أبوابها ليوقظوا المسلمين للسحور، وتم تعيين رجل للقيام بتلك المهمة، أطلقوا عليه اسم "المسحراتي".

تطور وظيفة المسحراتي

كادت مهنة المسحراتي أن تندثر في بلاد المحروسة، إلي أن جاء العصر المملوكي، في عهد السلطان المملوكي، الظاهر بيبرس، تم العمل على إحيائها كتراث إسلامي، وتم تعيين صغار علماء الدين بالدق على أبواب البيوت، لإيقاظ أهلها للسحور.

في عهد الناصر محمد بن قلاوون، ظهرت طائفة أو نقابة المسحراتية، أسسها أبو بكر محمد بن عبد الغني، الشهير ب "ابن نقطة".

هو مخترع فن "القوما"، وهي شكل من أشكال التسابيح، ولها علاقة كبيري بالتسعير في شهر رمضان.

ظهرت في بغداد في بادئ الأمر، قبل أن تنتقل إلي القاهرة.

المسحراتي رمز رمضاني خالد

وعلى الرغم من التطور التكنولوجي وظهور وسائل إيقاظ أخرى، إلا أن المسحراتي لا يزال رمزا رمضانيا خالدا.

ويحرص الكثير على الاستماع لصوته، فهو يضفي على الشهر الفضيل أجواء روحانية مميزة.

يبقى المسحراتي جزءا من ذاكرة رمضان، وجزء من تراثنا الإسلامي العريق.

وأصبح هناك رجال متخصصون في إيقاظ الناس للسحور. كان هؤلاء الرجال يحملون الطبول والطاير، ويرددون الأناشيد الدينية والمدائح النبوية.

وكان المسحراتي رمزا لشهر رمضان، وكان ينظر إليه باحترام وتقدير، وكان الأطفال ينتظرون بفارغ الصبر مرور المسحراتي كل ليلة، ويستمتعون بصوته وأناشيده.

في العصر الحديث، واجه المسحراتي بعض التحديات، ومع انتشار التلفزيون والراديو، أصبح الناس يعتمدون على هذه الوسائل لإيقاظهم للسحور. كما أن ازدحام الشوارع وضجيج السيارات جعل من الصعب على المسحراتي أداء وظيفته.

وختاما، قصة المسحراتي قصة رائعة تظهر لنا كيف يمكن للأفكار البسيطة أن تحدث فرقا كبيرا في حياة الناس، وهي قصة تعلمنا أيضا أهمية التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع.