الطريق
الخميس 9 مايو 2024 08:14 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

نتنياهو.. «جوكر» هوليوود

عادل أديب
عادل أديب

منذ زمن طويل وأنا أحاول التحضير لدراسة ومقالات عن مدى تأثير صناعة السينما الهوليوودية على سلوك العالم، وكيف أن الفن السينمائي لم يعد فنا، وإنما أصبح أداة تحكم في عقول البشر بأيدي أجهزة الأمن الأمريكية لحساب لوبي منظمة "الأيبك".

ودائما أتراجع لأن الجميع سيتهمني بعقدة "فوبيا التأمر" وسوف تنهال على شخصي الضعيف كل اللجان الإلكترونية من كل صوب لتدميري وتدمير شخصية عائلتي "كالمعتاد".

ولكن وكالعادة أيضا وكما علمني أبى رحمة الله عليه وعلم كل أخوتيّ أن الذي لديه العلم يرتكب أكبر جرم إنساني حين يمنعه أو يصمت، ولذا فلا يمكن لبشر أن يخشى الناس.. بل عليه أن يخشى الله.

البشر زائلون لا محالة ولا يبقى إلا وجه الله الذي سيحاسبني على إخفاء علمي عن الناس رحم الله أبى وأمي، ولذا فنحن لا نخشى إلا الله.

وأنا في مقالي هذا لن أتعرض لتلك الدراسة التي ذكرتها الآن، فلها وقتها وزمانها حتى تنضج وتكتمل.

أما اليوم فسأترك خيالي السينمائي مع بعض معلومات من الدراسة ممزوجين معا لنسبح معا في منطق مهم، وإجابة على سؤال العالم كله يتعجب من عدم وجود

أية إجابة له.

"لماذا لا تستطيع أى قوى في العالم إيقاف مايفعلة نتنياهو؟".

فلنبدأ...

عودتنا السينما الهوليوودية على "البطل الشرير المطلق"، الذي يخرق كل القوانين ويتعدى كل الحدود، وهذا هو منطق الشخصية منذ البداية سواء بمبرر أو بدون، ويتقبل المشاهد تلك الحالة بكل حب، بل ويقف منتظرا للبطل الخرافي الذي سيهزم دائما أمامه.

لينتصر عليه في نهاية المطاف بصعوبة فائقة، ألا أن الشر في نهاية العمل، يعود من جديد، فالشر في تلك الأفلام، “لا يموت أبدا"، حتى يتم عمل جزء جديد من الفيلم.

وكلما زاد الشر كلما زاد الحنين والتوحد مع البطل الخير، وأثناء تلك المعارك،

ننسى تماما أن نحاسب كل أفعال الشر المطلق بأي من "القوانين الحياتية والدنيوية العالمية" التي نعرفها وندرسها ظهرا عن قلب، لكننا في المقابل نبدأ في تقييم ومعاملة كل ما يحدث من خلال قوانين هذا "الشر المطلق"، قوانين "الأفلام الهوليوودية".

وهنا مربط الفرس، وهنا تقع الكارثة التي أرصدها.

فتلك هي قواعد اللعبة والتي تتجلى في مشاهد مركزه وبليغه لحوارات "منطق هذا الشر وتبريراته“ شديدة الاقناع، والتي تؤكد أن القتل والدماء والقوة الباطشة "هي الحل" في هذا العالم "الماجن والفوضوي"، وأنه "لا مجال للقوانين والحكم والأنظمة".

إنما هي" الفوضى"، ومع تكرار هذا النمط في معظم الأفلام وترديده، ومع خلق شخصية "الجوكر" وميلاده بفيلم خاص عنه شخصيا، والذي يكتب ببراعة، يمثل ببراعة، ويوزع على مستوى العالم بكل براعة، يخلق هذا "الخيال على أرض الواقع".

وهذا ما حدث ياسادة الآن.

ولكننا نعود ونتساءل، أين البطل الخير؟.

لقد اختفى من المعادلة تماما.

أتوقف هنا للشرح.

وأعود هنا لأتحدث عن مدى تأثير الأفلام في السلوك الإنساني

عزيزي المشاهد..

أنت تلبس"الجينز" وتأكل "الفاست فوود" وتحب وتكره وتضحك وتنهار وتنتحر وتسعد وتحتفل بل وتقتل وتسرق البنوك بالضبط كما في الأفلام الهوليوودية.

كنا في السابق نقول إن أفكار الأفلام تستمد من أحداث الواقع، ولكن الآن حدث العكس تماما.

أصبحت الأحداث في الواقع هي نسخة بالكربون مستمدة مما تعرضه الأفلام الهوليوودية، بل ونسخة رديئة منها على أكثر تقدير، بل ما هو أخطر من ذلك

فأن الأفلام أصبحت تمهيدا راسخا لأحداث قادمة.

وتذكر معي كم فيلم تعرض إلى ضرب وتدمير برجي التجارة العالمي قبل ضربة الحقيقي.

كم فيلم عرض عن فايروس "كورونا" قبل ظهوره؟

كم فيلم عن قراصنة تخطف سفن كبيرة أمام الصومال واليمن؟، والأمثلة كثيرة

وتلك النوعية هي تدريب وتلقين لعقلك اللاواعي بمثل تجربة "كلب بافلوف"

"الكلب يرى العظمة= الكلب يلهث".

وتكون تلك الأفلام بمثابة "المحرك اللاإرادي" لرد فعلك.

حيث أنها حين حدوثها في أرض الواقع، لا يملك عقلك الا أن يكون رد فعلة اللاإرادي هو كما تم تدريب عقلك اللاواعي عليه داخل الفيلم مرارا وتكرارا.

أن الإسلام هو الإرهاب؟

أن كورونا بفعل فاعل أم لا؟

أخطار وأثار تعرض السفن في تلك المنطقة المهمة من العالم ووجوب حمايتها عالميا؟

وفى نهاية الأمر هي مرحلة تحضير لعقل المشاهد لما هو قادم وتوجيهه الى" النتيجة المعدة والمطلوبة مسبقا" منذ البداية.

وأعود هنا من جديد الى عنوان مقالي الأساسي.

"نتنياهو والجوكر".

ولذا فمما سبق نتوصل إلى إننا لا نحاكم نتنياهو "الشر المطلق" بقوانينا الحياتية

وإنما نحاكمه "بقوانين وقواعد السينما الهوليوودية"، لأن ما نراه من أفعاله على أرض الواقع "قد عبر منطق العقل"، ومن ثم تحول إلى نفس مستوى "خيال الفيلم السينمائي"، ومن هنا يبدأ "العقل في ترجمة التعامل معه" على أن ما يراه ويحدث على أرض الواقع ما هو إلا مجرد، فيلما سينمائيا على شاشة في حائط أصم.

ولذا فان كل المآسي والمجازر التي يراها المشاهد على شاشات الأخبار قد تحولت في ذهنه الى مادة سينمائية مصنوعة "يرفضها العقل"، ويطمن نفسه داخليا أنها مجرد، أفلام سينمائية مصنوعة ببراعة، كنوع من الهروب عن عجزه الكبير والعميق في عدم قدرته على فعل أي شيء تجاهها.

ومن هنا يصبح نتنياهو هو "جوكر" السينما الهوليوودية، رمز الشر المطلق، الذي لا يموت، بل والأخطر من ذلك، يصبح هو النموذج الذي يحبه العالم، نموذج القوة التي لا تقهر وسط عالم ضعيف لا حول له ولا قوة.

البطل الأسطوري "الشرير"، الذي يحصل على أكبر الجوائز في العالم جائزة الأوسكار، ويتحول "العالم" إلى "جوثام سيتي"، عالم من الفوضى، عالم دون قوانين، دون أنظمة، دون حكم، كما هو الحال على أرض الواقع الآن.

لكن يكون الأغرب في المعادلة أن في الفيلم يوجد "باتمان" المنقذ والمخلص، ولكن على أرض الواقع، ينتظر العالم كله قادة وشعبا من أكبر دول العالم وأصغرها، إلى قدوم "باتمان".

نقلاً عن بزنس ميدل إيست:

https://mebusiness.ae/ar/news/show/88110