الطريق
الخميس 9 مايو 2024 02:33 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أيمن عطية يكتب: نخون أكتوبر إن حصرناه في الماضي

أيمن عطية
أيمن عطية

ليس أروع من أن نعود إلى الماضي مع مناسبة عظيمة كانتصار أكتوبر المجيد، ولكن حتما ما هو أكثر روعة، أن يكون هذا الانتصار الرائع بابًا نحو غد نتمناه لأنفسنا ولأمتنا، يكون فيه المصريون بين أكثر شعوب العالم رفعة وتقدمًا، وتكون فيه مصر في مقدمة الشعوب رقيًا ورفاهية.


حتى نبلغ مثل هذا الهدف يصبح لزامًا أن ننهل من فيض المكرمات التي فاح به عطر هذا النصر العظيم واسمحوا لي أن أذكر نفسي وأذكركم ببعضها.


أولًا: لم يكن للمصريين كافة من هدف يسبق على بلوغ النصر، استوى في هذا الفلاح في أرضه والجندي في الميدان، الثري شديد الثراء والفقير مدقع الفقر، وفي هذا مكرمة واضحة، وهي عظمة وطنية الإنسان المصري أيًا كان واقعه الاقتصادي أومستواه التعليمي، أو منطقة سكناه.


ثانيًا: لم يكن للوطن العربي شغل شاغل إلا لوقوف خلف الجيش المصري العظيم ونصه الآخر الجيش السوري، فألقى الجيش العراقي بثقله على الجبهة السورية رغم ما كان من خلافات بين جناحي حزب البعث في دمشق وبغداد آنذاك، ودفعت المملكة المغربية بكتيبة كاملة على الجبهة السورية أبلت بلاء حسنا، واستشهد معظم رجالها، ولم يغادر رئيس الجزائر موسكو إلى أن اطمئن على وصول شحنة الاسلحة الروسية التي كانت تريدها مصر ولم تغب دولة عربية عن المشهد بتفاصيله.


مكرمة ثالثة لا يمكن نسيانها كانت تنويع أدوات المواجهة وحسن إدارة هذا التنويع، فإذا كان جيش مصر العظيم وجيش الشقيقة سوريا قد صنعا النصر في الميدان، فإن اروقة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المحتلفة، شهدت معارك شرسة وحققت فيها مصر وأمتها انتصارات لا تقل روعة، وكذلك كان استخدام أوراق خاصة بالاقتصاد والنفط، وفي ستوديوهات الإذاعة والتليفزيون وصالات تحرير الصحف عقو أدارت المعركة إعلاميًا بكل كفاءة.


مكرمة رابعة للنصر العظيم كانت في النسيج الاجتماعي المصري، وفيه من المشاهد العبقرية ما يندر أن تجد له مثيلًا عند أي من شعوب الأرض، حالة من ذوبان كل اشكال الانتماء لصالح الهوية الوطنية، حالة من تواصل الأجيال لا يغيب عنها شيخ أو شاب، حالة من وحدة الأولويات لدى الجميع، جعلت من المستحيل اختراق الجبهة الوطنية مهما كانت أساليب الخصم.


المكرمة الأكثر حضورا الآن للنصر العظيم ترتبط بنا نحن أبناء مصر والأمة العربية الآن، فنحن صناعها ونحن من يجب أن تكون من سننعم بها إذا استحضرناها وكنا في مستوى هذه الذكري، فالأهم الآن أن تقودنا ذكرى النصر نحو تحسين واقعنا، وتعظيم مفردات مستقبلنا.. مفردات أساسها نسيج اجتماعي عند أرفع مستويات تماسكه، مجتمع يجتمع على هدف وقضية محددة ولتكن الآن تقدم الوطن على مؤشرات الاقتصاد والعلم والصناعة والتطور التكنولوجي.. مجتمع يستحق أن يكون سلفًا لخلف صنعوا نصرًا، لا تزال الإنسانية تدرس أوجه إعجازه.


من أراد اليوم إحياء هذه الذكرى العظيمة، فليجعل منه جسرًا نحو الغد الذي يستحقه هذا البلد، الغد الذي يليق بشعب النصر وأمتهم التي مادت الدنيا بالقوى الكبرى حين التقى قادتها على كلمة واحدة، وما دون العمل من أجل هذا الهدف، لا يعدو أن يكون دربًا من خيانة أمانة حافظ عليها الأباء بدمائهم وأرواحهم.. أكتوبر ضرورة امن أراد انتصارا في مستقبله وتغييرا في حاضره …