الطريق
الخميس 9 مايو 2024 08:16 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

الدكتور طارق الغنام يكتب: أزمات لا تنتهي!

من منا لا يمر بأزمات خلال رحلة حياته؟

فكلنا نمر بأزمات، وكلنا نتأثر بهذه الأزمات، ولكن تأثير هذه الأزمات يختلف من شخص إلى آخر، فمنا من يتأثر بهذه الأزمات إلى حد يمكن أن يؤثر في كِيانه ومعتقَداته وأفكاره، ومنا من يتأثر بهذه الأزمات لدرجة تصل إلى عرقلة مسيرة حياته، ومنا من تكون الأزمة له كاشفه، فتزيده إصرارًا على تعديل مسار حياته، من خلال وضع رؤية جديدة، وانفتاح أكبر على الحقائق، ومن ثم تعديل الوسائل، وتحديد الأهداف والسعي إلى تحقيقها.

ومنا من يشعر أنه مكبل، ويتوق إلى التحرر من أزمته، وهذا النوع الأخير وما قبله، هما أبطال هذا المقال، فهذان النوعان يتمتعان بالإرادة والعزيمة والصبر والمثابرة والثبات والرغبة في الاستمرارية، ويؤمن كل منهما بأنه لا يوجد مستحيل مع العزيمة والإرادة.. وهذه حقيقة.

فصاحب الإرادة يصنع من قدراته مهارة وقوة جبارة تمكنه من التواصل والوصول إلى غايته المنشودة.. فهو لا يستصغر أي فكرة أو وسيلة قد تساعده على تحقيق هدفه.. فالإرادة والعزيمة هما الأمل في الغد، والعمل في الحاضر، والاستفادة من دروس الماضي وتجاربه..

فحين تتمكن الأزمة من المرء بوجه عام، قد يشعر بالعجز والضعف والتهديد وافتقاد الأمان والاطمئنان، فيدرك حينها مدى صعوبة إعادة لملمة نفسه، واستعادة توازنه مرة أخرى، خاصة عندما تطول الأزمة وتتابع أحداثها ونتائجها، مما قد يشعره بالتوتر والإرباك واليأس والإحباط وصعوبة اتخاذ القرار..

لكن للأمانة، يخطئ من يظن أن الأزمة تنشأ من عدم، فلكل شيء –غالبًا– مقدمات، فقد تبدأ الأزمة بسبب بقاء صاحب الأزمة في حالة سُبات مدة طويلة، غير مدرك ما يحيطه من مخاطر، ثم تبرز أمامه مشكلات، ولكن هذه المشكلات قد لا يقيّمها تقيمها الصحيح، ومن ثم لا يعترف بخطورتها مما يترتب عليه تراكمها، وبعد ذلك، سرعان ما تتفاقم، ويشعر وقتها بالعجز وأن الأمور خرجت عن السيطرة، فيتملكه الخوف، ويشعر أنه ممزق من الداخل، في الوقت الذي قد تتداعى فيه الأحداث، وتتسارع بصورة مربكة، ويتزايد مستوى الألم، ويكتشف أنه وصل إلى مرحلة من الفشل المدمر وأن جميع الطرق مسدودة في وجهه.. فحينئذ يجب أن تعلم أنك تحتاج إلى وقت كافِ لإعادة ترتيب أفكارك من جديد..

فهذه المرحلة، مرحلة فاصلة في حياة المرء، ويمكن تشبيهها بمرحلة تحول الفحم الأسود لماس ساطع، إذ يتخلص فيها من حالة اليأس والإحباط ويبدأ استقبال الغد بالعزيمة، من خلال التدقيق في ملمح الأزمة، وحشد جميع القدرات والإمكانيات المتاحة لاحتواء الأزمة، وذلك من خلال جمع أكبر قدر من المعلومات عن مسبباتها، ثم التصدي لها بكل حزم وشجاعة من خلال سلوك مناسب، متزن، يتحلى بالصدق والثقة، ويتسم بالذكاء والسرعة والقدرة على التأثير في كل من يتصل بالأزمة، ومن خلال الاستعانة بمشورة وخبرات الآخرين، والاستفادة من نقاط القوة والضعف، مع إتقان فن إدارة الحوار، وتنسيق الجهود، واستنباط الحلول، مما يقلص حجم الأزمة، ويحد من تفاقمها.

فلكل منا طاقة بداخله وإرادة على البقاء، شأننا شأن المادة، في باطنها خلايا الطاقة التي تنشر الحياة، فإذا كانت الكائنات تشعر بالألم وتحاول التخلص من هذا الألم، فالبشر لا يختلفون عنهم، فقد ثبت أن النبات يتغلب على الألم ليتخلص من الظلام في الغابات بالوصول إلى أشعة الشمس.

اقرأ أيضًا: سيد عجمي يكتب: الطيب يفوح بالطيب

موضوعات متعلقة