الطريق
الجمعة 31 مايو 2024 12:17 مـ 23 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

اللواء سمير فرج في حواره لـ«الطريق»: «جولدا مائير» سبب هزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر

سمير فرج
سمير فرج

ما زالت أحداث حرب أكتوبر تحمل أسرارًا لم يكشف عنها من قبل، لا تقتصر المخططات والتكتيكات التي استخدمتها القوات المسلحة المصرية خلال تلك الحرب على البيانات الرسمية فحسب، والدليل على ذلك هو اندهاش القوات الإسرائيلية وبحثهم المستمر حتى الآن عن الثغرات والأسرار التي أدت إلى خسارتهم أمام الجيش المصري.

وقد يكون هناك استخدام لتكتيكات واستراتيجيات غير معلنة أو معروفة فقط للقيادة العسكرية المصرية، وهذا يشمل رصد النقاط الضعيفة في الدفاع الإسرائيلي واستغلالها بفعالية، والدليل على ذلك هو أن هذه الأسرار تثير اهتمام الباحثين والعسكريين الذين يسعون لفهم كيفية تحقيق النصر المصري الكبير في تلك الفترة.

وببقاء تلك الأسرار غير مكشوفة، يظل للقوات المسلحة المصرية إرثها العسكري البطولي ويستمر الاعتزاز والإكبار لإنجازاتها في حرب أكتوبر وتحقيق النصر الباهر على القوات الإسرائيلية، لذلك حاورت «الطريق» اللواء سمير فرج الذي كان يشغل منصب رائد في هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1937 لمعرفة بعض هذه الأسرار.

- كيف شاركت في حرب أكتوبر 1937؟

قبل بدء الحرب بأسبوع، عملت في هيئة العمليات الرئيسية حيث كانت مسؤوليتي تحديث خريطة العمل ونقل الموقف الميداني بدقة على الخريطة، وكان الهدف من ذلك توفير نظرة شاملة للوضع العام على الخريطة، سواء للرئيس السادات أو القادة العسكريين، لاتخاذ قراراتهم بناءً على التطورات الحاصلة، وأعتقد أن هذه المهمة كانت ذات أهمية كبيرة وأفادت في جهود تنظيم العمليات العسكرية.

- هل مازالت حرب أكتوبر تنشر أسرارًا لم تنشر من قبل؟

بالتأكيد، هناك العديد من الأسرار التي لم يكشف عنها من قبل حول حرب 6 أكتوبر، لأن الصراع مستمر مع العدو الإسرائيلي حتى تعيد الحقوق للدولة الفلسطينية، كما أن سيناء أرضًا للمعارك الحالية والمستقبلية، والكشف عن تلك الأسرار قد يعني الكشف عن تفاصيل عمليات عسكرية محتملة في المستقبل على أرض المعارك القادمة أو مع العدو المستقبل.

- كيف استطاعت قواتنا المسلحة خداع العدو الإسرائيلي، وتنتصر علية؟

عملنا خطة خداع استراتيجي تعبوي وكان المسؤول عن هذه الخطة «العقيد أحمد لبيب» حيث استطاع إيهام الإسرائيليين بأن القوات المسلحة لن تشن هجومًا عليهم، وفي البداية أيضًا إرسالنا «حافظ إسماعيل مستشار الرئيس السادات» ضمن الأمن القومي لمقابلة «هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي سابقًا» لإيهامهم بالوضع الحالي في مصر.

خداع الجيش الإسرائيلي

وكان حديث مستشار الرئيس السادات نصًا : "إحنا ليس لدينا سلاح هجومي لأن روسيا رفضت إعطائنا سلاح لذلك طرد الرئيس السادات كبرى الروس، وبالتالي ليس لدينا القدرة على الهجوم، فمن فضلك زي ما طلعت أمريكا من مستنقع فيتنام طلعنا إحنا من المشكلة دي وحل مشكلتنا مع إسرائيل سلمينًا لأن إحنا لا نقوى على الحرب ولدينا ضغط من الجامعات وبيقوموا بمظاهرات يومية".

إقناع جولدا مائير بعدم استطاعت مصر على الحرب

وبعد هذا الحديث أبلغ وزير الخارجية الأمريكي «جولدا مائير» رئيسة وزراء إسرائيل أن مصر ليس لديها القدرة على الحرب لأنها لا تمتلك أسلحة هجومية وطردت كبرى الروس التي رفضت تمويلها الأسلحة، ومن هذا المنطلق بدأت بوادر الحرب تظهر خاصة بعد رفض جولدا مائير إعلان التعبئة للجيش بسبب اقتناعها بعدم وقوع حرب في يوم 6 أكتوبر من مصر وسوريا، وبالتالي نجحت مصر في هجومها يوم 6 أكتوبر والجيش الإسرائيلي لم يكن في حالة تعبئة كاملة.

اختيار يوم الحرب

ومن أهم الخطط التي نجحت هو اختيار يوم الحرب وهو 6 أكتوبر العاشر من رمضان الذي يمثل يوم عيد الغفران في إسرائيل ويتميز هذا اليوم بـ منع الحركة أو الهجوم داخل إسرائيل تمامًا، لذلك عندما هجمنا لم يكن الجيش الإسرائيلي في تعبئة كاملة، فبالتالي كانت هذه أحد المفأجات التي أذهلت القيادات الإسرائيلية.

كانت المفاجأة الكبيرة في هذا الحدث هي هجوم مصر وسوريا في وقت واحد، وهو أمر نادر الحدوث. بالإضافة إلى ذلك، فإن الهجوم في شهر رمضان كانت عكس توقعات الجيش الإسرائيلي لأنهم يعتقدون أنه ليس شهر للحروب.

- ما هي العوائق التي واجهت مصر خلال الاستعداد للحرب؟

العائق الأول في الساتر الترابي الذي يقع على الضفة الشرقية للقناة لأن ارتفاعه وصل إلى 20 مترا، وكان يجب علينا عمل 80 فتحة في الشاطئ لإدخال الدبابات والمدافع وعربات الذخير وخزينة الطعام، وتجاوزنا هذه العقبة بفضل اللواء باقي زكي يوسف الذي قدم فكرة جهانمية، وهو استخدم خراطيم المياه لفتح الساتر الترابي الذي يقع على الضفة الشرقية للقناة حيث أطلقت عليه لقب «عبقري».

العائق الثاني في خط بارليف الحصين والذي كان يحمل على الخريطة 32 نقطة قوية موجودة على قناة السويس وتحتوي هذه النقط على أنابيب نابلم لحرق الجنود إذا تخطت هذا الحاجز، حيث قال الروسيين إن خط برليف يحتاج إلى قنابل نووية أو زريه لتخطيه.

ولكن الحمد الله المخططات التي وضعنها جعلتنا نخترق هذه النقط بكل سهولة، بالإضافة إلى وضع سلالم حبال لتخطي الساتر الترابي، كما وضعنا لكل عسكري ستره لطعامه وذخيرته وشرابه لأن العبور كان يحتاج يومان على الأقل حتى تأتي العربات لفتح الكباري للعبور.

وكانت المشكلة الأخيرة هي المحاربة بدون دبابات لمدة يوم، فبالتالي صنعنا أسلحة مضادة للدبابات صغيرة وقدرنا نصد احتياطيات العدو الإسرائيلي والهجوم عليه في اليوم الأول، لذلك نجحنا في العبور.

كيف كانت مشاركة الرئيس السادات في حرب 6 أكتوبر؟

استطاعت هيئة العمليات التي كانت برئاسة اللواء محمد عبد العزيز جمسي القائد الأعلى للقوات المسلحة وبالفعل إقناع الرئيس السادات بالخطة حيث صدق عليها وتم تنفيذها يوم 6 أكتوبر.

- ما هي خريطة الموقف العام والعمل؟

خريطة الموقف العام هي الخطة، أما خريطة العمل تكون موضوعة على طاولة ونسجل فيها كل حركة تحدث في المعركة ليستطيع كل قائد معرفة الموقف العام للحرب متابعة الخطط التي نجحت أول بأول، فكانت مساعد لتبين الموقف الحصري على الطبيعية في أثناء القتال.

- ما موقف إسرائيل بعد حرب 6 أكتوبر؟

بعد الحرب إنشات إسرائيل لجنة تسمى إجرانات وتحتوي على أكبر قادات إسرائيل لتحقيق في واقعة المقصر لفشل الحرب، لذلك بعض الصحف أطلقوا عليها لجنة التقصير وكان أول قرار بعد الحرب هو عزل قائد الجيش الإسرائيلي، ومدير المخابرات الحربية، وقائد الجبهة الإسرائيلية أمام مصر، مع أيضا ضابط المخابرات الذي كان لديهم دور معرفة إذا كان هناك هجوم أم لا.

وتوقفت اللجنة على هذه القرارات لأنها إذا كشفت بعض التقارير الأخرى كانت ستدين جولدا مائير القائد الأسطوري في إسرائيل و موسى ريان وزير الجيش الإسرائيلي.

- هل فيلم جولدا مائير جسد الحرب في إسرائيل بالفعل؟

على الرغم من وجود بعض التحريف في الفيلم، إلا أنه احتوى على العديد من الحقائق التي لا يمكن إنكارها، ومن بين هذه الحقائق، يشير الفيلم إلى الهجوم المفاجئ الذي قام به الجيش المصري دون أن يكون لديهم معرفة بالأمر إلا بعد الساعة الثانية ظهرًا، كما أظهر الفيلم أن الضربة المضادة التي تلقيناها كانت فاشلة.

تميزت الممثلة التي جسدت شخصية جولدا مائير بتقديم مشهد مؤتمر صحفي يوم 9 أكتوبر حيث اعترفت في بهزيمتهم وبناءً على ذلك، يمكن القول إن فيلم جولدا مائير يحتوي على حقائق تصل نسبتها إلى 90%، وإلا فإنه من الممكن أن يعتبر الفيلم مفبركًا، حيث يُعد هوليوود هو المسؤول الأساسي عن إنتاجه بالتعاون مع شركات أمريكية وفرنسية وإنجليزية، وليس لليهود يد فيه.

- ما هي ردود الفعل الدولية بعد عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف الحصين؟


غيرنا العديد من المفاهيم العسكرية عندما نجح الجيش المصري في تدمير قاعدة إيلات أمام بور سعيد حاليًا لا يوجد أي شخص يستخدم الأسلحة النووية أو حاملات الطائرات ذات المدى البعيد وبدأ العالم يعتمد على القوات ذات الحجم الصغير والتسليح القوي.

فأثبتنا للعالم بأنه يمكن مواجهة الجيوش المعدّة بدون الاعتماد على الدبابات، وقد حققنا هذا النجاح في حرب عام 1973، أما من الناحية العسكرية، استعاد الجيش المصري كرامته من خلال تحقيق انتصار عظيم، مما جعل الناس سعداء اعتزازاً بتاريخ القوات المصرية في العصر الحديث.

- كيف كان شعورك بعد انتصاركم؟

كانت لدينا تجربة رائعة عندما رأينا العالم الإسرائيلي أمامنا بعد ست سنوات، وكانت المسافة بينا وبينهم تبلغ 200 متر وكانت الأرض التي نحتلها تحمل الكثير من الأهمية بالنسبة لنا، لم نكن بحاجة إلى أي شيء آخر بالإضافة إلى أن هذا الرجل يذهب وذاك الرجل يعود إلى بلاده.

كان الجميع سعداء وفرحين لانتصارنا، وكنا ممتنين لعدم رفع علم إسرائيل مرة أخرى على قناة السويس أو تقسيم القناة إلى نصفين كما كانوا يرغبون، نحمد الله على هذا النصر الذي طرد إسرائيل وجعل القناة تخضع لإدارتنا وفقًا للقوانين الدولية.

- هل فقدت زملاء عزيزة على قلبك في الحرب؟

بالتأكيد، كانوا أصدقاء مقربين خلال فترات الحرب، ومن بينهم محمود الضويني البور سعيدي الذي كان إنسانًا قريبًا جدًا من قلبي، كما كان هناك أيضًا محمود الشرفي من دمنهور ومحمد سليمان من منطقة عبدين، كنا نجتمع معًا ونقضي الليالي سويًا، ونتناول الطعام معًا.

اقرأ أيضًا: رسخها السادات واستكملها السيسي.. كيف احتفل رؤوساء مصر بذكرى حرب أكتوبر المجيد ؟

موضوعات متعلقة