الطريق
الخميس 9 مايو 2024 05:13 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

إبراهيم شعبان يكتب: هيكل ورؤساء مصر

حالة الاحتفاء الكبيرة بالكاتب الكبير الراحل، محمد حسنين هيكل أسعدتني للغاية، وأنا واحد من الملايين الذين عشقوا كتابات هيكل خلال حياته، ولا أعتقد أن هناك كلمة مكتوب أو حديث صحفي أو كتاب جديد لهيكل لم أقرأه أو أسعى لقراءته طوال ما يزيد عن 25 عاما، منذ أن قرأت كتابه الشهير عن حرب الخليج، في أوائل تسعينيات القرن الماضي، وحتى وفاته رحمه الله في 2016.

ومهما مرت السنين، فإن هيكل سيبقى هيكل كاتبا أسطوريا بكتاباته وجمله ومعلوماته وكتبه ورؤاه. لا يعرف قيمته إلا من قرأ مقالا له أو كتابا مما سطره.

وطوال حياة هيكل، كان رحمه الله مادة للخلاف والاختلاف حول شخصه وكتاباته، لكن الجميع اتفقوا على موهبته المتفردة واعتبرته الصحف الغربية في حياته وقبل موته أسطورة حية، بالمعني الحقيقي للكلمة.

ووسط مجالات وقضايا عدة، اشتبك معها هيكل في حياته، فأنا سأقف أمام جانبا واحدًا وهو علاقته برؤساء مصر السابقين ومن عاصرهم، وفق ما قرأته من كتاباته ومعاركه ومواقفه معهم، وكنت معاصرا له بالطبع في زمن مبارك.

والبداية طبعا بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وقد أفرد له محمد حسنين هيكل، صفحات مطولة في كتاباته وكان صديقا له منذ حرب فلسطين 1948 وكانت بداية تعارفهما.

علاقة هيكل بعد الناصر، جرت عليه حروبا هائلة خلال حياته وبعد وفاته، لكنه ظل مخلصا للتجربة الناصرية، وكتب عن عبد الناصر، كتابا شهيرًا يفند فيه التجربة الناصرية والهجوم الضاري عليها بعنوان "لمصر .. لا لعبد الناصر"، ويرد فيه على كل الانتقادات التي وجهت له وبالخصوص مسؤوليته عن نكسة 1967، وقد اعترف عبد الناصر بمسؤوليته عن النكسة، وأعلن تنحيه فور حدوثها لكن الجموع والملايين الهادرة من المصريين، الذين خرجوا للشوارع يهتفون باسمه ويطالبونه بعدم التنحي، دفعه للرجوع في قراره وعاد لبناء الجيش المصري، وكانت حرب الاستنزاف محطة هامة ورئيسية في الطريق لنصر أكتوبر 1973.

هيكل دافع كثيرا عن التجربة الناصرية، واعترف في كتاباته أن عبد الناصر زعيم أخطا وأصاب، لكن ضراوة الحملة على الناصرية في وقتها ومشروع القومية العربية، كان طوفانا هائلا، فقد كان الكثيرون يريدون مسح التجربة الناصرية طوال 18 عاما من تاريخ مصر، لكن هذا كان مستحيلا، وبعض من إنجازات عبد الناصر ظلت بعد رحيله والى اليوم وبأكثر 53 عاما.

علاقة هيكل بالرئيس الراحل محمد أنور السادات، بدأت حميمة، ودافع هيكل عن السادات ضد مراكز القوى في 1971 وكتب التوجيه الاستراتيجي لحرب أكتوبر 1973، وكان هذا أبرز وأجلّ عمل صحفي يقوم به وخالدًا في تاريخه، لكنهما اختلفا بعد الحرب، وبالخصوص في مفاوضات السلام مع إسرائيل في قصة شهيرة استمرت لسنوات، وتابعها المصريون والعالم وانتهت باعتقال السادات لهيكل، فيما أسماه هو فيما بعد في كتاب ذائع الصيت بعنوان "خريف الغضب".

السادات في رأيي، كان أحد دهاة الحكم في مصر وهو فعلا بطل الحرب والسلام، وتختلف أو تتفق معه لكنه كان داهية، واستعاد سيناء في الوقت الذي لا تزال فيه بلدانا عربية محتلة منذ 1967 وحتى الآن ولم تخرج منها إسرائيل، ومنها الأراضي الفلسطينية المحتلة وهضبة الجولان السورية.

أما علاقة هيكل بالرئيس الراحل محمد حسني مبارك، فقد تأزمت بالخصوص في أواخر عهده، والجميع يذكرون محاضرة الجامعة الأمريكية الشهيرة في ،2002 والتي حذرت من دعاوى التوريث آنذاك وأحدثت دويا هائلا. كما أن حوارات هيكل وكتاباته وخصوصا في السنوات الأخيرة لمبارك كانت حادة للغاية، وقد ختمها بكتابه الشهير والأخير في حياته "مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان".

علاقة هيكل برؤساء مصر، وبقامته كأحد أشهر الصحفيين المصريين والعرب في القرن العشرين إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق، لا تحتاج مقالا واحدا بالطبع، وقد أُعدت دراسات علمية عدة ورسائل ماجستير ودكتوراة في كتابات هيكل وكتبه. ولكن المقال، وقفة محب في الذكرى المئوية لعزيز الصحافة المصرية والعربية، محمد حسنين هيكل.