الطريق
الجمعة 31 مايو 2024 07:12 صـ 23 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

«الشقيانين في الأرض».. «أبو محمود» عامل نظافة بدرجة بطل

أبو محمود موظف هيئة النظافة - ياندكس
أبو محمود موظف هيئة النظافة - ياندكس

"بعد انتهاء ساعات عمله الشاق، وجدته جالسًا على أحد أرصفة شارع التحرير بحي الدقي يلتقط أنفاسه لمتابعة السير على قدميه إلى منزله بقرية صفط اللبن توفيرًا لبضع جنيهات قد ينتفع بهم في شيء ضروري".

في موقع وجريدة "الطريق"، جلسنا على الرصيف بجوار "أبو محمود" الذي ناهز الـ 65 عامًا، نسمع منه عن الحياة وقسوتها وعن الرضا بقدر الله.

قال لنا أنه لا يتذكر بالضبط متى بدأ العمل في هيئة النظافة بالضبط -بس أنا شغال من زمان- لكنه أبدًا لا ينسى سنة 2013 التي ثُبت فيها وأصبح موظفا رسميا في جداول الدولة، وإنه و44 آخرون من زملائه فقط من تم تثبيتهم ومن يومها وقد أُغلق باب التعيينات في الهيئة.

يحكي أبو محمود "للطريق"، عن أسرته الصغيرة المكونة من بنتين وابنه الكبير محمود فيقول: "محمود اتخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة واشتغل في شركة تأمين، وأخته اللي أصغر منه معها دبلوم سياحة وفنادق وشغالة في مطعم، والصغيرة خالص لسه في دبلوم زي أختها، أصل أنا اتجوزت كبير شوية، بس الحمد لله فرحت بيهم وكملوا تعليمهم".

وعن عدد ساعات العمل في رمضان؟ "أنا بشتغل من 7 الصبح بنزل من بيتي في صفط اللبن على 6 وعُقبال ما بوصل الشارع اللي بنظفه باخد حوالي ساعة مشي أصل أنا باجي وبرجع مشي على رجلي أهو منه توفير ومنه صحة أصل بيني وبينك الحركة حلوة، وبخلص شغل على الساعة 1 أو 2 الظهر، وساعات بعد الشغل بتصادفني مصلحة وأنا ماشي راجع بيتي حد حابب يشيل حاجة من بيته يرميها أو ينظف بيته أو حتى السطح بنظفها له وأهو ربنا بيرزق وهو مُسبب الأسباب"

المرتب بيكفيك يا عم محمود؟ "والله يا ابني الحمد لله أنا خايف أحسده -يضحك ضحكة طويلة- الحمد لله دلوقت بقبض 3300 و فيهم بركة عشان حلال والله وبعرق بيهم، وساعات ربنا بيرزقنا بمصلحة تنظيف على جنب بعيد من الشغل وبيمشي الحال، وفي المناسبات زي رمضان كدة بيجلنا شنط رمضان من أهل الخير وبيبقى شهر كله بركة، بس يكون في معلومك -يقولها بكل جدية- أنا عمري ما إيدي اتمدت لحد وطلبت منه صدقة أو حسنة لو ما كنش هو بيوزع من نفسه وعملها لله عمري ما أطلبها"

وعن طبيعة عمله والأتربة والأمراض التي قد يتعرض لها؟: "أنا بعد أول سنة شغل جالي حساسية على صدري شديدة بس بقت مرفقاني على طول من ساعتها وبيجلي نوبات كحة كتير بالذات وأنا في عز نومي بالليل وما لهاش علاج يخلصها لكنه في علاجات بتهديها، ومع دا أنا كملت شغل ومكمل عشان ما ينفعش ارقد أصل مين هيأكلني أنا والعيال، ويدوب إجازات الحكومة اللي بنعرف نريح فيها، بس حتى الإجازات الأسبوعية ما بقعدش في البيت وبنزل الشغل وباخد يوميتها والحمد لله"

وعن أكثر ما يضيقه أثناء عمله؟، "حاجات كتير بس أنا راجل كبير وبخاف من سرعة العربيات أصل لو رقدت هضيع أنا والعيال، وفي شباب متهور كتير ومش حاسس بالناس ولا عنده مسئولية، دا لسه من كام شهر قريب كدة شاب مجنون كان هيفرمني تجت العجل ولما زعقت فيه وبقوله أنت مجنون رجع شتمني وسب فيه رغم إنه هو اللي غلطان"

يكمل أبو محمود "أوقات بنلاقي حقن مفتوحة مرمية في الأرض وبنخاف نتجرح منها ونتعدي بأي مرض وحِش، وكمان بيضيقني أوي الناس اللي بترمي بواقي الأكل والشنط من شُباك عربيتها، طيب ما يصبر ويرميها في أي صندوق زبالة، أصل عدم التقدير وحِش أوي يا ابني، زمان سمعت الشيخ الشعراوي ربنا يرحمه بيقول إن لولا عُمال النظافة لتحولت البلد لجيفة، تعرف يا ابني في فرنسا الدنيا اتقلبت ولسه مقلوبة عشان عمال النظافة قعدوا في بيوتهم كام يوم"

اقرأ أيضًا: ”الشقيانين في الأرض”.. يوم سواق الأوتوبيس في نهار رمضان